رئيس التحرير
عصام كامل

د. هالة منصور: الشخصية المصرية انهارت منذ ثورة ٢٥ يناير

 الدكتورة هالة منصور
الدكتورة هالة منصور

حذرت أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها الدكتورة هالة منصور، من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانتقالها من سيئ إلى أسوأ إذا لم يتم الالتفات إلى السلبيات التي ضربت الشخصية المصرية، وفضحتها ثورة 25 يناير.

ورأت «هالة» أن المصريين يدفعون ثمن «التدين الشعبي»، حيث يحتفظون بموروثات وعادات وتقاليد اعتادوا عليها بوصفها تمثل الدين، فهم يؤدون فريضتي الصوم والصلاة لأن هذا هو الدين ولا مانع لديهم من الحصول على رشوة.

 تزايدت عمليات الفساد التي تتنوع بين الحصول على رشى وتسهيل الحصول على حق الغير وإهدار المال العام بين المصريين خلال السنوات الأخيرة.. ما تعليقك؟
تغيرت الشخصية المصرية بصورة واضحة، خلال السنوات الأخيرة، وهذا أمر يستشعره جموع المصريين، وللعلم فإن هذا التغير ليس وليد اللحظة الراهنة، ولكننا بدأنا نراه ونستشعر آثاره حاليا، فالشخصية المصرية كانت تتعرض لتغير مستمر على مدى سنوات طويلة ولم نتمكن من إدراك هذا الأمر في حينها، لأن هذا التغير لم يكن على درجة كبيرة من الوضوح آنذاك، ولكن تكشفت بعض جوانبه بعد ثورة ٢٥ يناير حينما غاب الخوف عن المصريين وظهرت بعض السلوكيات والتصرفات غير المعهودة من قبل، وذلك تزامنا مع فقدان الدولة هيبتها وغياب الأمان.

 ألا يتعارض هذا الأمر مع مقولة «المصرى متدين بطبعه»؟
هذه المقولة في الحقيقة تعنى أن جوهر الدين راسخ وموجود بالفعل داخل الشعب المصري، ولكن لابد من توضيح أمر مهم في هذا الصدد، وهو أن التدين لدى الشعب المصرى يتعلق بمفهوم «التدين الشعبي»، الذي يتضمن الموروثات والعادات والتقاليد وغيرها من الأمور والسلوكيات التي اعتاد المصريون عليها بوصفها أنها تمثل الدين، وبالتالى فإن بعض المصريين قد يؤدون فريضتي الصوم والصلاة، لأن هذا هو الدين في نظرهم وفى الوقت ذاته يمكن أن يحصل على رشوة بوصفها «حسنة أو عمولة أو هدية»، ولا يفسرها أو يصفها بالرشوة، وذلك ناتج عن فهم هؤلاء الدين على طريقتهم الخاصة، وغياب الوعى والفهم الحقيقى للدين لدى قطاعات واسعة من المجتمع.

 وكيف ترين الأوضاع في ظل زيادة صعوبة الظروف الاقتصادية؟
سيكون الوضع أسوأ، بل إن كل يوم ستكون الأوضاع أسوأ من اليوم السابق.

 وهل يمكن السيطرة على صور الفساد المالي والتكسب الحرام في مصر؟
يمكن أن يحدث هذا عندما «تفوق الحكومة من نومها»، ولابد من وجود تخطيط سليم ورؤية واضحة للمستقبل، ولا غنى عن الضرب بيد من حديد لمواجهة الفساد والمفسدين، بالإضافة إلى ضرورة وجود تنمية حقيقية وقوة مع إرادة وفكر واستغلال أمثل لقدرات الشعب المصرى، وهذا كله يسهم في بناء المجتمع، ولكن إذا استمر المصريون في اتباع القلب والعواطف مع إلغاء العقل والإرادة والرؤية والتحرك فقط إزاء الأزمات والظواهر الاجتماعية والفساد كرد فعل، سيكون الوضع أسوأ مما هو عليه الآن.

ما دور المؤسسات الدينية في مواجهة «الرزق الحرام»؟
بطبيعة الحال يتجلى دور هذه المؤسسات في نشر الوعى الديني، ولكى يتم هذا بصورة فعالة لابد من طرح القضايا الدينية التي تؤثر فعلا في سلوكيات المواطنين، ومناقشة الأمور التي تتعلق بفكرة «الدين المعاملة»، لأن فقه العبادات يمكن للمصريين تعلمه، ولكن فقه المعاملات يحتاج إلى تركيز كبير من جانب المؤسسات الدينية المسلمة والمسيحية، على حد سواء.

وماذا عن الإعلام؟
سيكون للإعلام دور مهم في مواجهة الفساد بصفة عامة وهذه الظاهرة بصفة خاصة إذ يجب عليه عدم «تلميع» النماذج السلبية في المجتمع من الفاسدين والمفسدين.

وما دور المواطن المصرى في هذا الإطار؟
يجب على الشعب المصرى التوقف عن مساندة المتسولين والعطف عليهم، لأن هذا من شأنه تشجيعهم على ما يقومون به واستمرارهم في الحياة معتمدين على التسول والتبرعات، ولابد أن يبحث كل فرد من أفراد هذا الوطن عن المحتاجين من أولى القربى ممن يتعففون عن «مد أيديهم» لمنحهم الصدقات ومساندتهم بدلًا من المتسولين.

هل هناك أمل في عودة سمات الشخصية المصرية لطبيعتها ؟
معدن الشخصية المصرية «أصيل»، يشوبه حاليا حفنة من «تراب» تراكم لأسباب سبق ذكرها، ولكن بعدما تزول هذه الشوائب يتكشف هذا المعدن وتظهر من جديد واحدة من أجمل شخصيات الدنيا وهى الشخصية المصرية.
الجريدة الرسمية