رئيس التحرير
عصام كامل

العنف مرفوض ومدان


العنف مرفوض ومدان أيًا كان شكله أو حجمه أو مصدره..لا يمكن لأى أمة أن تحل مشكلاتها وأزماتها أو تبنى نفسها من خلال الانزلاق أو الوقوع فى هاوية العنف..إنه يجب ملاحظة أن السلطة - أى سلطة - تستند فى شرعيتها على ركائز ثلاث هى الالتزام بالدستور، احترام سيادة القانون، وتنفيذ أحكام القضاء، وأن السلطة التى تهدر هذه الركائز الثلاث، أو حتى واحدة منها، فإنها تفتح بذلك أبوابًا من الفتن والمفاسد والشرور.


وكما هو معلوم للجميع، السلطة، ممثلة فى أى مؤسسة من مؤسساتها أو أى فرد مسئول فيها، عندما تستخدم العنف، فإنها تغرى بذلك المواطنين العاديين باستخدام العنف لتحقيق ما يريدون.. ويوم تقوم السلطة بتزوير إرادة الشعب، فإنها تدفع الشعب لممارسة الغش والخداع والتضليل فى كل أمور حياته..إن سيارة شرطة المرور، أو أى سيارة شرطة، تسير فى الاتجاه المخالف، تجعل قائدى السيارات يستخفون بقانون المرور ولا يلتزمون بما يفرضه من قواعد.. وهكذا.

إن عنف الفرد، لا يقارن بعنف الدولة..صحيح أن الفرد مساءل قانونيًا عما يرتكبه من جرائم..لكن الدولة حين تمارس العنف، هى فى الحقيقة ترتكب جريمتين فى آن واحد؛ جريمة العنف ذاته وجريمة الاعتداء على القانون الموكول اليها حمايته والحفاظ عليه.

فى عهد الرئيس المخلوع، والمجلس العسكرى، والدكتور مرسى، سقط مئات وآلاف من الشهداء، علاوة على عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين.. من المؤكد أن هناك مسئولية، على الأقل سياسيًا، تقع على هؤلاء، فضلًا عن المسئولية الجنائية التى يتحمل تبعاتها من قام بالجرائم ذاتها، من حيث التخطيط والتدبير والتحريض والتنفيذ.. وقد قيل إن هناك طرفًا ثالثًا، أو "لهوًا خفيًا" على طريقة الشعب المصرى فى السخرية، هو الذى يقوم بكل ذلك.. لكن حتى الآن لم يكشف النقاب عن هذا الطرف الثالث.

لكن بعض الأحداث التى تقع تدل على أن هناك مليشيات من البلطجية تابعة للداخلية هى التى تقوم بذلك..وأن هذه الميليشيات هى من موروثات نظام الرئيس المخلوع الذى لم يتغير فيه سوى رأسه..إنه من الملاحظ من خلال الاشتباكات التى تقع بين من يوصفون بأنهم بلطجية وبين الأمن، إن هؤلاء البلطجية لا يتم إلقاء القبض عليهم(!).

لقد جرت اتفاقات بين شخصيات سياسية، ينسب إليها القيام بغطاء سياسى للعنف، وجهات أمنية فى بعض الأماكن الساخنة، حيث أكدت هذه الشخصيات أنه لا علاقة لها بأعمال البلطجة، وأن على الأجهزة الأمنية إلقاء القبض على أى فرد أو مجموعة من هؤلاء..لكن الغريب والعجيب أن الأمن لا يقوم بذلك، إذ تندلع الاشتباكات فجأة، وتستمر عمليات الكر والفر بين البلطجية من ناحية والأمن من ناحية أخرى(!!).

هل هناك من يعمل على إبقاء جذوة النار مشتعلة، بهدف إعطاء انطباع عام على فشل وعجز الدكتور مرسى على تحقيق الاستقرار السياسى؟! وارد..لكن ينبغى ألا يلهينا ذلك عن أن إدارة الدكتور مرسى وحكومته دون المستوى، وأقل بكثير مما كان متوقعًا أو منتظرًا، وأن هناك أخطاء كبيرة وكثيرة وقع فيها الرجل لا يمكن السكوت عليها أو غض الطرف عنها..هذه الأخطاء يتم استغلالها وتوظيفها واستثمارها من قبل نافذين فى بعض المؤسسات التى مازالت تدين بالولاء لنظام الرئيس المخلوع .

الجريدة الرسمية