رئيس التحرير
عصام كامل

ولا مسلسل دينى؟! ولا حلقة واحدة؟!


الناس في حيرة من أمرهم، بعد أن سلموا عقولهم وأبصارهم، بل ومشاعرهم تسليما لا منازعة فيه إلى منتجى المسلسلات الرمضانية، أمطروهم بوابل من الإعلانات، وحاصروهم بمقاطع من التحف الدرامية التي تم تجهيزها، والإنفاق عليها ببذخ، تجاوز الملايين، أعلاها أربعون مليونا للزعيم، وأقلها عشرة ملايين للعيل الذي قدم بضع مسلسلات في بضع سنين! فوجئ الصائمون بأن العروض التي تطاردهم هي لقصص مسروقة من أفلام أجنبية، تحت دعوى الاقتباس، والتيمة الدرامية مسلوبة بلا حياء ولا اعتراف. زمان قام المسرح المصرى والسينما المصرية على التمصير، ولم يكن يوسف وهبى ونجوم عصره يخجلون من التباهى بأن النص لفولتير مثلا !


وأشهر أفلام السينما المصرية، أمير الانتقام، لأنور وجدى، ثم نسخة أخرى لفريد شوقى ومحمود مرسي، مأخوذ من رواية بعنوان الكونت دي مونت كريستو!

في زمننا الغريب الحالى، مد يدك واسرق، فتلك سرقة حلال!

ما علينا..المهم المضمون..ماذا فيه؟

فيه شرب وضرب وعهر ومخدرات، وزنا، ومحارم.. كل الموبقات تم ادخارها لمسلسلات شهر التقوى، وأنفقت عليها ملايين وملايين، في وقت يصطف فيه ملايين المواطنين في طوابير لشراء كيلو أرز باربعة جنيهات !

فوق مستوى الشبهات ليس فوق مستوى الشبهات، والخروج غربى، ودافنشي مستغرب، وتلك هي النظرة الأولى الخارجية، بعيدا عن الحبكة والتمثيل والإبداع في الإخراج. البيوت ليست بيوتنا، بل هي بيوت تركية، أو بيوت نخبة الكمبوندات، فأين المسلسل الدينى ؟!

لا يوجد مسلسل دينى، فمصر مجتمع لا يحتاج إلى مسلسلات تذكره بدينه ورسوله، لأنه مجتمع تجاوز الخطوط كافة في العنف، فلا بأس من زرع مزيد من العنف، على سبيل التسرية والتسلية. لا توجد حلقة حتى من مسلسل قديم! لماذا يحبس التليفزيون المصرى مسلسلات أمينة الصاوى وعبد السلام أمين، وعبد الحميد جودة السحار؟

لما ذا يتم حجب الثقافة الإسلامية الدرامية الوسط، عن البيت المصرى؟

الإجابة سهلة جدا الآن، ولن نلجأ إلى عبارة الطرف الثالث المجهول التي شاع استخدامها أثناء وفي أعقاب عنف ٢٥ يناير.
الإخوان يسيطرون على ذاكرة ماسبيرو، والإخوان يديرون فنيا ويتحكمون فنيا، فيسمحون أو يعطلون.. والأجهزة الرقابية مركزة على الفساد المالى للوزراء والموظفين الكبار وهذا مطلوب ومحمود ومشكور، لكن الإرهاب الصامت الذي يمارس داخل بيت التيه المسمى ماسبيرو، يحتاج لرصد وقبض كما أنه يقطع بأن الإدارة الحالية لا تصلح لإدارة مستوصف!

إطلاق سراح مكتبة ماسبيرو الإسلامية هو سلاح حاسم في معركة تجديد الخطاب الدينى، واعتقال وحجز هذه الدراما الأدبية الرفيعة المستوى هو تعاطف مع الإرهاب وتمكين له، ولابد للدولة أن تواجهه بشدة وبتر.

كلنا نذكر ما وقع لحوار رئيس الجمهورية، وكلنا يذكر كيف تظهر صورة الرئيس على الشاشة، مطفأ الوجه، واضح الندوب، مرهق الجفون، وكثير من رؤساء الدول يضعون ماكياجا ليحسن صورهم، ويخلق الانطباع المطلوب.

إلى متى ستحجب المسلسلات الدينية، القديمة والجديدة؟ كيف نطلب من الناس التقوى والتطهر، بينما كل الدراما زنا وعهر واغتصاب ومخدرات وعنف وتفجيرات؟

الحل هو أن تنتج الدولة أعمالا فنية ترسخ قيم الأسرة المصرية، وتنشر جمال وعذوبة وعقلانية الدين الإسلامي. لقد تخلت الدولة طويلا عن سلاحها الفعال وتركته لأصحاب الخواء، أو العملاء.. والشعب سيدفع الثمن !
الجريدة الرسمية