رئيس التحرير
عصام كامل

عن المجاهرين بالإفطار في رمضان!


فتوي مثيرة من دار الإفتاء عن المجاهرين بالإفطار تحرم المجاهرة بالإفطار.. ورغم أن التحليل والتحريم شأن إلهي خالص، والفرق بينهما وبين المسموح والممنوع كبير، إذ إن الأخيرتن من اختصاص البشر والمشرع القانوني تحديدا كحظر آلة التنبيه أو منع الميكرفونات في الأفراح أو منع التدخين في الأماكن العامة، وهي كلها متروكة بالكامل للبشر يحدد ولي الأمر المصلحة العامة، ولذلك فكل إجراء بشري بعيدا عن الحلال والحرام من الأدق وصفه بالممنوع أو المسموح به!


الآن..هل يجوز منع الإجهار بالإفطار؟ هذا يستلزم منع المجاهر من الإفطار..وهذا يعني أن هناك تشريعا بمنع المجاهرة بالإفطار ويتم مخالفة القانون وبالتالي فمنع المجاهر محاولة لتنفيذ القانون..لذا فالسؤال هو: هل يجوز إصدار قانون لمنع الجهر بالإفطار؟ الإجابة ببساطة لا يجوز لأن الأصل في التكليفات هو التخيير وليس الإجبار، وقياسا فلا نتصور مثلا القبض على المارين بالشوارع وقت الصلاة بحجة أنهم يجاهرون بعدم الصلاة أو القبض على من يتيسر لهم الحج أموالا وعافية، بحجة أنهم يجاهرون بالامتناع عن الحج في موسم الحج رغم استطاعتهم، أو كالقبض على من لا يؤدي الزكاة في حين أن غيره وربما بإمكانيات أقل منه يزكي وهذا كله عبث في عبث!

لماذا إذن الصوم وحده هو ما تتحدثون عنه بمنع الجهر بالإفطار؟ هل لأن في المسـألة أكل وطعام وشراب؟ إن كان هذا هو السبب؛ فالصائم يتوقف عن العلاقة الزوجية فامنعوا إذن النساء من السير في الشوارع، أو أصدروا تشريعا بمنع العلاقات الزوجية في البيوت لمن أعفاهم الله من الصوم لسبب أو لآخر!!

المدهش عدم وعي البعض للصورة التي يقدمها للمسلم باعتباره يصوم ويلتزم بتعليمات ربه في الامتناع عن الشهوات وهو مكدر ومكره و"قرفان"، وينظر إلى غيره بعين الغيرة والحسد إلى حد أنه يريد من حكوماته أن تقبض عليهم! رغم أن العكس هو الصحيح وأن مقدار الإغراءات هو مقدار الثواب والأجر بل إن الصائم يسعد بنجاحه في اختبار السمع والطاعة لله بينما غيره رسب فيه!

يا سادة دين الله العزيز الحكيم سهل وبسيط وأصحابه منشرحو الصدر مبتهجون مبتسمون وهم يتعبدون وليسوا متجهمين غارقين في الغضب لفريضة يؤدونها يؤمنون بالقاعدة القرآنية العليا أنه "لا إكراه في الدين" والقانون القرآني الآخر "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وقياسا بل ومن باب أولى فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر ومن هنا تتشكل صحائف الأعمال ليكون بحق من يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره أيضا !
الجريدة الرسمية