البهجوري «بيكاسو مصر»: «عبدالناصر» ضحك عندما رسمته.. و«السادات» وصفنى بـ «الخائن»
- >> صاحب جاليرى «المسار» بباريس سرق لوحاتى
- >> الكاريكاتير قلم حر يجب أن يستمر في الانتقاد حتى نهاية حياة الفنان
جورج البهجورى.. فنان كرس حياته في نقل أحاسيس البشر إلينا بلوحاته المميزة.. يضيف صفات الحياة إلى كل شيء يرسمه.. ويضيف وجهة نظره ليظهر معنى آخر للحياة.
مع أنه فنان تشكيلى من طراز فريد، وخبراته الطويلة تنضح بها لوحاته، لكنه لم يزل يدخل مرسمه ويبدأ كل لوحة بروح رجل يمسك الفرشاة للمرة الأولى في حياته، كطفل وضع والداه قلمًا ملونًا بين كفيه، فراح يرسم ما يراه بشكل تلقائى وفطرى، هذا الحماس يجدد شغفه إلى الحياة.
رسام الكاريكاتير، الفنان العالمى جورج عبد المسيح بشاى شنودة ساليدس جرجس، ولد عام 1932 في محافظة قنا بالقرب من قرية بضواحى نجع حمادى مشهورة بزراعة القصب والنخيل تسمى «بهجورة»، وإليها يرجع اسمه الفني.. تخرج في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ودرس في كلية الفنون الجميلة بباريس قسم التصوير، كما عمل رسام كاريكاتير منذ عام 1953 حتى عام 1975 في مجلتى روز اليوسف وصباح الخير، وسافر إلى باريس عام 1975، وأقام بها حتى عودته إلى القاهرة مرة أخرى في تسعينيات القرن الماضي.
أقام البهجورى عشرات المعارض في سائر أرجاء العالم، وفاز بجوائز كثيرة، منها الجائزة العالمية الأولى في الكاريكاتير بروما عامى 1985 و1987.. «فيتو» أجرت هذا الحوار معه
> بداية.. هل للطفولة دور في تشكيل جورج البهجورى ؟
لم يكن لطفولتى دور في مستقبلى سوى أننى اكتشفت في طفولتى أننى «باعرف ارسم».
> وكيف اكتشفت أنك تجيد الرسم ؟
عندما كان عمرى 5 سنوات تأثرت بالطلاب الذين يجيدون الرسم، وهذا ما جعلنى أحب الرسم كثيرا، كما أننى أردت أن أجرب الرسم ولكن بشكل ساخر من زملائي، وذات مرة رسمت جميع المعلمين وزملائى الطلاب بشكل ساخر، حتى جاء معلمى بيكار ومكتشف موهبتى وامتدح رسوماتى أمام التلاميذ الذين كانوا يتوقعون منه أن يعاقبني، وقال لى حينها: “سيكون لك شأن عظيم ذات يوم”.
> ما هي نقطة انطلاق جورج البهجورى الحقيقية ؟
كان ذلك في ثالثة فنون جميلة عندما تفوقت في رسمى وموهبتى وأصبح زملائى يسألوننى كيف وصلت إلى هذا الإبداع؟ فأصبحت أرسم الاسكتش، وكنت أذهب إلى الموالد والأماكن المزدحمة، وأرسم الإسكتش وأعرضه على زملائى فيصيبهم الذهول من سرعة تعلمى وتفوقي، وبعضهم كان يظننى من الأساتذة في الكلية.
> لقب الفنان الساخر.. إلى أي مدى يتشابه مع شخصيتك ؟
أسخر من الأوضاع عموما وأعبر عنها بالرسم، وأرتبط بكم من خلال السخرية والضحك والهزار.
> ما تفاصيل سرقة لوحاتك ؟
جاء لى في باريس صاحب جاليرى “المسار” ومد لى يد العون، وطلب منى أن أتعاون معه، ووجدنا طريقا مشتركا فيما بيننا، وتعاملت معه 4 مرات قبل ذلك، لكنه لم يعد إلىّ اللوحات التي لم تبع، وعندما اتهمته أنكر الأمر وبدل الحقائق.
> كيف استطعت أن تضع بصمتك في عالم الصحافة ؟
في مجال الصحافة كانت هناك منافسة كبيرة، فنجوم الكاريكاتير كانوا متفوقين ولهم تاريخ طويل، لكننى بفنى وإبداعى المختلف أصبحت أنافسهم، وأصبحوا يعملون لاسمى حسابا، وهذا نجاح لأنه عندما يكون هناك من هم أعلى منك ويسبقونك بأعوام ويفكرون ماذا ستقدم فهذا هو أكبر دليل على أنك أصبحت صاحب بصمة.
> ما أبرز موقف تتذكره عن فنان رسمته “كاريكاتير” وأثار الرسم غضبه ؟
فريد الأطرش أثار غضبه سكتش رسمته له بشكل ساخر، فلم يعجبه، وسحب إعلانا له من المجلة، وهذه ليست الوحيدة فقد رسمت عدة رسمات لكوكب الشرق أم كلثوم أيضا بشكل ساخر، حتى إن الفنان القدير عبد الوهاب اتصل برئيستى في المجلة وأخبرها أن أم كلثوم قد استاءت من تلك الرسمة وطالبها بتغييرها، لكننى رفضت تماما، وبقيت على موقفى تعبيرا عن أن الكاريكاتير فن لا يتدخل فيه الآخرون.
> أيهما أكثر صدقا البورتريه أم الكاريكاتير ؟
هناك من يقول إن فن البورتريه أصدق، لأن الكاريكاتير يعتبر فنا ساخرا غير حقيقي، ولكن الفن يحب البورتريه أكثر من الكاريكاتير، وهذا بسبب أن البورتريه أكثر إبداعا وانسجاما، ويرى البعض أنه من الممكن أن يكون الكاريكاتير أصدق لأنه يظهر العيب بوضوح دون تزييف، وفى العموم هناك نسبة تذوق تختلف من شخص لآخر، ولكن من وجهة نظرى أرى أن الكاريكاتير أصدق لأنه يظهر العيوب ولا يخفيها ويجملها.
> اهتمامك بالتفاصيل هل هو لجذب الانتباه أم لإخفاء العيوب؟
لوضوح الرسمة ولإظهار معنى خاص بها يميزها عن أي رسمة أخرى، فالتفاصيل هي التي تميز لوحة عن أخرى.
> ما سبب تلقيبك بـ”بيكاسو مصر”؟
حبى الشديد له جعلنى أدرسه جيدا حتى أنى أعددت دكتوراه عنه في السوربون بباريس، وقد قلت ليتنى أجد أحدا في مصر أعد عنه بحثا أو رسالة دكتوراه مثل محمود سعيد.
> ما هي المتاعب التي تعرضت لها نتيجة رسمك كاريكاتير الشخصيات السياسية ؟
كان هناك قصة لى ذات مرة، رسمت السادات بكاريكاتير وهو يسلم سينا لليهود وغضب يومها وأطلق علىّ لقب الخائن، ولكنى مع انتقادى كل الأحداث التي تحدث وباستخدام الكاريكاتير استطعت أن أثبت له مدى وطنيتى وأن رسمى ما هو إلا سخرية من وضع وليس من زعيم، وأن اختلاف الرأى لا ينفى وطنيتي.
كما فوجئت كثيرا بعد رسمى الراحل جمال عبد الناصر عندما أُخبِرت أنه ضحك كثيرا عندما شاهد رسمه الكاريكاتيري، في حين أن أنور السادات، كما أسلفت، أمر باستجوابى من قبل المدعى العام بعد رسمى له وموقفى الواضح من قيامه بعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، كما رسمت رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إريل شارون، وهو في العناية المركزة يطلب تغيير دمه، وقد أثار هذا الرسم غضب الإسرائيليين كثيرا.
> ما الآليات التي يمكن أن تعيد فن الكاريكاتير لسابق عهده؟
أن يأخذ كامل الحرية، وتحديدًا الحرية السياسية، فالكاريكاتير قلم حر يجب أن يستمر في الانتقاد إلى أن تنتهى حياة الفنان.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لــ "فيتو"