رئيس التحرير
عصام كامل

عن السبب الوحيد لفريضة الصوم


يجهد الكثير من العلماء أنفسهم في البحث عن فوائد للصوم، مرة للجهاز الهضمي، وأخرى للحالة النفسية، وتبقى كلها نظريات ووجهات نظر، مثلما لها من يؤيدها، فلها أيضًا من يعارضها.. وبين كلا الفريقين لا يصح أن تبقى عبادة من العبادات فرضت قبل تطور مختلف علوم الطب وستبقى حتى لو ثبت خطأ كل الفرضيات المطروحة، ولذلك يظل السؤال: لماذا فرض الله الصوم؟


الإجابة باختصار لاختبار الطاعة.. لا يستوي القادر على الاستجابة للأوامر والنواهي مع غيره ممن لا يستجب.. مثله مثل امتحانات آخر العام، للتمييز بين من سهر وتعب واستوعب، ومن أهمل ولعب واستهتر.. وبالتالي فليس مهمًا أن تكون لاختبارات الطاعة أسباب غير الطاعة.. اللهم إلا مباهاة رب العزة بعباده الصائمين ملائكته ومنهم من قال: "أتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" لكنهم اليوم أمام أهل السماء والأرض طائعون لرب العزة وعابدون صائمون.

لم يسأل أحد سر الأمر الإلهي لآدم وحواء أن "لا يقربوا هذه الشجرة"، وقطعًا فالشجرة التي حذر الله آدم وحواء منها من خلق الله أيضًا ولم يقل أحد إنها كانت مسمومة أو ضارة مثلاً، إنما ليبدأ الخلق وتبدأ الحياة بالاختبار الأزلي وحتى نهاية الحياة على الكوكب، وهو "افعل ولا تفعل"، وأنت حر في أن تفعل أو لا تفعل.. ومنذ ذلك الحين بدأ اختبار التخيير.. أن تؤمر بأمر ويوسوس الشيطان أو توسوس النفس الأمارة بالسوء بغيره، الناجح هو من يمر من الاختبار والناجح أيضًا من يصحح مساره ويعود للطاعة، إن لم تكن هذه المرة فالتي تليها، أما الناجح الأكبر فهو من يمر من الاختبارات وينجح فيها كل مرة، وكان في فرض الصوم كل رمضان عدل كبير للنجاح في اختبار الطاعة أو النجاح الدائم فيه، وبالتالي في ترتيب أصحاب الطاعات وفق درجاتهم!

الصوم.. وهو ضد الفطرة الإنسانية التي خلقت على حب الطعام والشراب والغرائز، لم يفرضه الله سبحانه إلا للقادرين عليه ولم يحدد سبحانه عقوبة دنيوية له، وإنما وضع كفارة لمن يريد التوبة ويلقى وجه ربه بغير تقصير وفتح الباب واسعًا لغير القادرين، تجلت في إطعام الفقراء والمساكين، وهي أيضًا طاعة غايتها الإنفاق مما نحب وليكون اختبار عباد الله غاية ربهم في الفريضة، وغايته في كفارتها، وليس علينا إلا السمع والطاعة، حتى لو لم تكن هناك فائدة صحية واحدة للصوم.
الجريدة الرسمية