رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نائب رئيس «المحطات النووية» الأسبق: لهذه الأسباب يجب الاستعانة بالتكنولوجيا الغربية بمفاعل الضبعة

فيتو

  • ليس هناك أمان مطلق بالمفاعلات 
  • تعاقدنا على 4 مفاعلات.. وكان من الأحرى التعاقد على مفاعل واحد كبداية

ليس هناك أمان مطلق بالمفاعلات، وتكنولوجيا الجيل الثالث تتسبب في كوارث، مفاعل الضبعة لم يجرب في أي دولة، ونواجه خطورة حقيقية في هذا الأمر، كانت تلك أبرز ماجاء في حوار "فيتو" مع الدكتور على عبدالنبي نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق وإلى نص الحوار.. 


*ما هو معنى مصطلح "أمان المحطات النووية"؟
الأمان النووى الخاص بالمحطات النووية هو "فلسفة وأنظمة" ويطبق على دورة الوقود النووى كاملة، ودورة الوقود النووى تشمل عمليات التنقيب عن الخامات النووية الانشطارية وعمليات الاستخلاص والتصنيع واستخدامها في المحطة النووية ثم عمليات تخزين الوقود المحترق.

*يروج البعض أن الجيل الثالث من المفاعلات النووية آمن 100%، ما صحة هذا الأمر؟

دائما تخضع عوامل الأمان للتعديل المستمر، وعمليات التعديل والتحديث تكون نتيجة الخبرات المكتسبة من صيانة وتشغيل المفاعلات النووية ومن الدروس المستفادة من الحوادث النووية، وكلمة أمان 100% تعنى "الأمان المطلق"، والأمان المطلق بيد خالق الكون فقط، أما نحن فبشر "نصيب ونخيب"، فهم يروجون لذلك وهو نوع من أنواع التضليل، ولو أن الجيل الثالث من المحطات النووية والذي وضعت فيه كل ما أتيح للإنسان من تكنولوجيات متطورة تعرض لحادثة أدت إلى توقف إمداد الوقود النووى بمياه التبريد، سوف تحدث به حادثة مثل كارثة "ثرى مايل أيلاند" في أمريكا في 28 مارس عام 1979 أو حادث "فوكوشيما" باليابان في 11 مارس عام 2011.
الغرض من كلامي ليس التخويف من المحطات النووية، بل أنا من أشد المؤيدين للمحطات النووية، لكن يجب الوضع بالاعتبار أن كل تكنولوجيا لها مخاطرها.

*ما هي مواصفات مفاعل الضبعة التي تم الاتفاق عليها؟
مفاعل الضبعة روسى من الجيل الثالث موديل VVER1200بلس، وأحب أن ألفت النظر إلى نقطة خطيرة جدا، وهى أن الجيل الثالث من المفاعلات النووية لم يجرب بعد، وهو الآن تحت الإنشاء في دول العالم المختلفة، سواء كان المفاعل الأمريكى وهو موديل AP-1000 أو المفاعل الفرنسى EPR 1600 أو المفاعل الروسى وهو موديل VVER1200.

*أين تكمن خطورة مفاعل الضبعة مودل "VVER1200 بلس"؟
مفاعل الضبعة وهو من الجيل الثالث بلس لم يجرب بعد، وكان من المفترض التعاقد على مفاعل مجرب في التشغيل لمدة لا تقل عن 5 سنوات.
وحتى في حالة التعاقد على مفاعلات روسية من الجيل الثالث - والتي لم تجرب بعد - فكان من الأحرى التعاقد على مفاعل واحد فقط بدلا من 4 مفاعلات، وللخروج من هذا المأزق وبعد أن اتفقت مصر مع روسيا على 4 مفاعلات، فعلينا أن نلتزم بالارتباط بخطة 4 مفاعلات، على أن يتم توقيع التعاقد حاليا على مفاعل واحد فقط، ويؤجل توقيع التعاقد على الثلاث مفاعلات الأخرى لحين تجربة المفاعل الأول، وبذلك نكون قد أتيحت لنا الفرصة لتجربة هذا الجيل من المفاعلات الروسية.

*ما هي النتائج المتوقعة من استخدام مفاعل لم يجرب بعد؟

من الخطورة أن تتعاقد على محطة تصميمها لم يجرب بعد، لتصبح بذلك حقل تجارب، إما أن يثبت التصميم نجاحه وتعمل المحطة بكفاءة وبدون أعطال أو يكون بالتصميم عيوب ويثبت فشله، وبالتالى سوف نتكبد خسائر فادحة، ومن الممكن أن نصل إلى حالة يتم فيها إغلاق المحطة نهائيًا، فلابد وأن تكون المحطة التي ستنفذ في الضبعة قد سبق تجربتها على الأقل 5 سنوات، الأمر الذي سيعطى دلالة على أن تصميم المحطة ناجح.
كما أن سجلات التشغيل والصيانة لهذا الموديل ولمدة 5 سنوات تشغيل ستكون أمام المتخصصين لمساعدتهم على اتخاذ قرار بالقبول أو الرفض، وخاصةً أن مصر طلبت 4 محطات دفعة واحدة من محطات لم يسبق تجربتها بعد، وهذا يعتبر خارج المقاييس والمعايير الهندسية المتعارف عليها وخاصة في مشاريع عملاقة مثل مشروع المحطة النووية.
وفى هذه الحالة ستكون المحطة المرجعية غير واضحة أمام متخذ القرار المصرى، وخاصة حسابات تصميم المحطة وسجلات تجارب التشغيل الأولية وسجلات التشغيل والصيانة لمدة 5 سنوات وتقرير تحليل الأمان الأولى للمحطة المرجع، وهذه الوثائق هي من أخطر الوثائق التي يعتمد عليها المتخصصون في قبول المحطة النووية من عدمه.
أقترح التعاقد على الموديل الآتي من محطات الجيل الثالث "VVER1000" وقدرة المحطة الواحدة منه 1000 ميجاوات.
فهذا الموديل من المفاعلات يمتاز بأنه قد سبق تجربته داخل وخارج روسيا، فالصين تستعمل محطتين من هذا الموديل "AES-91/V-428" في موقع "تيانوان وهذه المحطات في الخدمة منذ عام 2007، والهند أيضا تستعمل محطتين من هذا الموديل وهو "AES-92/V-412" في موقع "كودانكلام" وهذه المحطات في الخدمة منذ عام 2014.

*متى بدأت روسيا تصنيع الجيل الثالث من المفاعلات النووية؟

بدأ تصميم مفاعلات الجيل الأول من مفاعلات VVER عام 1954، والحروف هي اختصار لجملة تعنى "مفاعل قوى يستخدم الماء كمبرد ويستخدم الماء كمهدئ "للنيترونات"، والجيل الثانى من هذا النوع من المفاعلات كان في الفترة من 1966 إلى 1980، والجيل الثالث كان في الفترة من 1980 إلى 2006، وهى مفاعلات ماء مضغوط PWR، وتماثل المفاعلات الأمريكية والغربية باستخدامها لوعاء ضغط، هذه المفاعلات إعتمدت عليها روسيا في تصديرها للخارج، والجيل الثالث متواجد حاليا داخل روسيا وخارجها.

*ما هو تقييمك لنظام الأمان في المفاعلات الروسية والتي سيتم تنفيذها بالضبعة؟
نظم الأمان في الجيل الأول والثانى من المفاعلات الروسية كان دون المستوى العالمى، لأن روسيا ليست دولة غنية مثل أمريكا وغرب أوروبا، وكان الإنفاق على تكنولوجيا نظم الأمان للمحطات النووية ليس على نفس مستوى الإنفاق في الدول الغربية، وهذه المفاعلات كان مقتصر تنفيذها في روسيا ودول شرق أوروبا مثل المجر وألمانيا الشرقية وأوكرانيا وخلافه.
وفى أواخر الجيل الثانى من المفاعلات الروسية بدأت روسيا تتطلع لبيع مفاعلاتها النووية في السوق العالمى، وفتحت لها أسواق جديدة مثل الهند والصين وإيران، وكان لابد من تطوير تكنولوجيا وفلسفة وأجهزة الأمان الخاصة بمفاعلاتها لتكون على نفس المستوى بالنسبة للمفاعلات الغربية، فكان لابد من التحديث للمواصفات القياسية والمعايير للتكنولوجيا المستخدمة في صناعة مكونات المحطات النووية لتقف على قدم المساواة مع التكنولوجيا الغربية.
وعلينا أن نستعين بالتكنولوجيات الغربية في في المفاعل الروسى بالضبعة، سواء في التوربينة والمولد، ومنظومة الأجهزة والتحكم أو نظم أمان المفاعل.


*صرح وزير الكهرباء بأن المفاعل المتعاقد عليه له مواصفات أمان عالية جدا لدرجة أنه يتحمل اصطدام طائرة وزنها 400 طن بسرعة 150 مترا في الثانية.. ما صحة تصريح الوزير؟

وصول درجات أمان المفاعل إلى هذه المرحلة أمر مكلف جدا من منظور تكاليف المحطة النووية.


*ما هو تقييمك للكوادر القائمة على مشروع "محطة الضبعة"؟


بدايةً أحب أن أوضح أن هناك فرقا شاسعا بين "محطات نووية لتوليد الكهرباء" وبين أي تخصص نووى آخر، وأرجو أن يتفهم هذا الموضوع زملاؤنا العاملون في المجال النووى، فمجال المحطات النووية يشمل على سبيل المثال لا الحصر، تدريب وإعداد الكوادر، دراسة جدوى المحطات مع دراسة البدائل الأخرى، اختيار مواقعها بعد دراسات، وتأهيل الموقع، إعداد دليل ضمان الجودة، مراجعة وتحليل الأمان النووى.
ومصر قامت بإعداد كوادر فنية مصرية متخصصة في مجال محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء على مدى عشرات السنين (منذ سنة 1976)، وقد شاركت هذه الكوادر في الأعمال التي ذكرناها سابقا، وأصبحت مصر تمتلك خبراء على المستوى العالمى وعددهم لا يتعدى عشرة، هؤلاء الخبراء تفوقوا على خبراء العالم في هذا المجال، وكانت لهم إسهامات واضحة في المحافل الدولية المتخصصة في مجال المحطات النووية، وخبراء العالم المتخصصون في مجال المحطات النووية، على معرفة تامة بالكوادر المصرية التي أشرت اليها سابقا، وكانوا يتوقعون أن تستعين مصر بهذه الكوادر في المفاوضات مع الجانب الروسى، ولكن ذلك لم يحدث.

Advertisements
الجريدة الرسمية