صوم رمضان «براء» من سوء سلوكياتنا!
كل سنة وأنتم طيبون بمناسبة شهر رمضان الذي ساعات ويهل علينا هلاله إن شاء الله، تعلمنا منذ الصغر في بيوتنا والمدارس أن من حكم الصوم بشكل عام، وشهر رمضان هو الإحساس بالفقير، وهو بذلك يحمل دعوة إلى القادرين بالتكافل الاجتماعى، لمساعدة الفقراء ومحاولة التقرب إلى الله بكفالة الفقراء في ذلك الشهر، ومن أهداف الصوم أيضًا إراحة المعدة المجهدة طوال العام، مما يعيد إليها نشاطها وحيويتها كما أثبت الطب باستثناء د.خالد منتصر الذي لا يرى للصيام أي فائدة، بل إنه مضر بالصحة العامة، وأيضًا باستثناء المخرجة إيناس الدغيدى التي ترى أنه عادة فرعونية وأنه لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد!
ومن العجب أن الصيام اتفقت حوله الأديان الثلاثة، ففى الأديان السماوية اليهودية والمسيحية والإسلام الصوم أحد الفروض التي ملزم بها الإنسان، ولكن خالد منتصر وإيناس الدغيدى منفردان عن الأديان وعن إجماع العلماء بفائدة الصوم، يرون أنه غير مفيد وفرعونى ولا علاقة له بالدين.
أذكر في الماضى البعيد وقبل ازدحام البيوت بعدد من التليفزيونات، وعندما كان الراديو يمثل لنا هو نجم النجوم وأبرز أدوات المعرفة والتسلية أيضًا، كان شهر رمضان شهر المذاكرة، ومحاولة تعويض ما فات، وكان السهر للسحور أمرًا كبيرًا ومهمًا، وذلك الزمن لم يكن هناك ما يسمى "الدروس الخصوصية" مطلقًا، وكان الصوم من الأيام الجميلة والتي كنا ندعو الله أن تكون كل شهور السنة رمضان، أما الآن فأصبح شهر رمضان عبئا نفسيا على ميزانية الأسرة، وعلى ميزانية الدولة، وعلى المناخ العام، بمعنى تجد في رمضان خللا شديدا في دولاب العمل العام، فالغياب والهروب من العمل ظاهرة متفشية بشكل كبير..
الغريب أن الموظف الذي يقوم بالتزويغ من العمل لا يشعر بأن هذا لا يتفق مع نظام العمل ولا يتفق مع صحيح الدين وبالتالى لا يتفق مع صيامه الذي يقوم به من أجل طاعة الله سبحانه وتعالى، نجد مثلا من يذهب لصلاة الظهر ولا يعود، أو يذهب وينصرف مبكرا ويتصور هذا شطارة منه أو على "قد فلوسهم"..!
في المواصلات تجد مشادات والإجابة تأتيك: أصل الدنيا صيام...! وآخر صوته يعلو بأسلوب خشن وتتطاير ألفاظ تخدش الحياء، فيبرر الناس: أصله صايم..! تختل الحركة في الشوارع بسبب ودون سبب، ويبرر الناس: رمضان والصيام عامل عمايله! تذهب لا تجد الموظف، فيبرر زميله غيابه: تعال بكره.. أكيد سهر شوية مقدرش ييجى..رمضان بيحب السهر بقى!
وكثير من هذا التصرفات والأشياء التي لا علاقة لها بالصيام أو العقل أو المنطق، ولكنهم يجعلوا من صيام شهر رمضان شماعة دائمة لأى اختلال في تصرفاتهم، فالصيام يجعل الإنسان الطبيعى في حالة من الهدوء والسكينة وليس العكس، الصيام يذكرك دائمًا بالله والحق والعدل وليس التزويغ من الشغل والتهرب بحجج الصيام..
الصيام أشبه بحالة من الرقى والسمو النفسى والتطهر من شوائب الحياة الضاغطة علينا دائمًا، ولكن بدلا من أن نجعل هذا أمر إيجابيًا يدفعنا للأفضل سلوكيا في كل شىء وأكثر تقربا لله، نصبح عكس كل ما يهدف إليه الصيام، بل نسعى ونبذل الجهد الجهيد للتفكير في الأكل والشرب وأحيانا السهر في أماكن لا تليق بشهر نأمل من الله سبحانه وتعالى فيه أن يتقبل صيامنا وقيامنا ويرحمنا ونكون من الناجين من النار.. اللهم أمين.. ورمضان كريم على الإنسانية جميعها!