صمودنا هدف قومي
قام الرئيس السيسي بتوجيه رسالة للفلسطينيين والإسرائيليين بحثهم لكتابة صفحة جديدة من أجل السلام الحقيقي للأجيال القادمة، وقال إن مصر مستعدة للمساعدة، وعلي الأحزاب الإسرائيلية التوافق وعلي الفلسطينيين التوحد وتجنب الخلافات.. وأشار الرئيس إلى أن الخطوة التي تمت منذ ٤٠ عاما بين مصر وإسرائيل كانت نقطة مضيئة وجعلت هناك سلامًا حقيقيًا، وإذا تم حل حقيقي لهذه القضية ستكتب صفحة أخرى جديدة.
لم ينس الرجل "الهم" العربي وسط ما يشغله من مشكلات الوطن الحادة المتعددة، ماذا كان رد الفعل.. رحبت فتح بالمبادرة فورًا.. ورحبت أيضا إسرائيل بالمبادرة «شكليًا» لكن رحبت حماس «بتحفظ» وفي اليوم التالي تحدث مفاجأتان:
الأولى: تحطم الطائرة المصرية فور دخولها المياه الإقليمية المصرية بعد رحلة دامت قرابة أربع ساعات، وهي في حالة طيران آمن مستقر على ارتفاع ٣٧ ألف قدم.
أما المفاجأة الثانية: فكانت قيام ننتياهو بتعيين ليبيرمان وزيرًا للدفاع.
حول النقطة الأولى لوحظ إصرار الـ بي بي سي وقناة الجزيرة على عرض حادث الطائرة الروسية التي سقطت من قبل وعرض خطف الطائرة التالية من قبل الإخواني المختل، والذهاب بها إلى قبرص ثم عرض سقوط الطائرة الأخيرة وأيضا عرضا لتاريخ حوادث الطائرات المصرية في فيديو واحد يؤكد عزمهم إعطاء رسالة بعينها هي أن مصر وطائراتها ومطاراتها غير آمنة. وقد أجمع المتخصصون أن كيفية تفجير الطائرة وتوقيته لا يمكن أن يحدث إلا عن طريق الخونة المأجورين الذين يترصدون بالوطن ويقتلون أبناءنا يوميا في رفح وينصبون الكمائن في الداخل، إذا المجرم والمعتدي الغادر.. واحد.
وأتذكر في هذه اللحظة مأساة قديمة وهي إسقاط الطائرة الليبية فوق سيناء أثناء حرب الاستنزاف، اعترفت إسرائيل حينها بالفعل بالقيام بهذا العمل الهمجي الوحشي ووعدت بتعويضات لأسر الشهداء لكنها كالعادة رجعت في كلامها، أما سيناريو الإسقاط فكان شديد القسوة فقد حلقت حول هذه الطائرة المدنية طائرات مقاتلة إسرائيلية وتشككت في نوعية الطائرة لأن ستائر النوافذ كانت مسدلة.. إلى هذا الحد وصل الاستهبال الإسرائيلي وبدلا من إنذار الطائرة وإجبارها على الهبوط الاضطراري طغت شهوة القتل وتغلبت وبدأت المقاتلات في إطلاق الرشاشات على الطائرة وانتهت المعركة مع هذه الطائرة المسالمة بصاروخ أدي إلى انفجارها في الجو.. سيناريو للقتل البطيء لابد من تعذيب الضحايا نفسيا وعصبيا قبل افتراسهم ولنا أن نتخيل اللحظات التي عاشها هؤلاء الشهداء والقذائف تنهال عليهم ويرون نهايتهم قبل الانفجار.
أما عن إسرائيل فكانت- كما قلت - المفاجأة غير المتوقعة، فقد خرج وزير الدفاع موشي يعالون من الحكومة وعين نتيناهو مكانه افيدجور ليبرمان الزعيم اليميني المتطرف الذي وصفه نيتناهو من قبل أنه لا يصلح لأن يكون محللًا عسكريا كما أنه ليس له تجربة لعمل حقيبة وزارة الدفاع.. لكن يتم تعيين هذا الرجل المتطرف الذي يدعو لضم أجزاء من الضفة ويدعو للترانسيفير «التهجير القسري للفلسطينيين» ليكون الحاكم المطلق للضفة الغربية وبيده جميع الصلاحيات وميزانية تصل لخمس ميزانية الدولة..
وفي هذه الظروف سيكون وزير حرب وستكون له اليد العليا ضد الشعب الفلسطيني، ومع استبعاد سيفي ليفني ودوخول «هيرتزوج» يكون تشكيل هذه الوزارة عمليا قد أغلق أي منفذ على العالم في اتجاه أي عملية سلمية مع السلطة الفلسطينية وكشرت عن أنيابها نحو الأقلية العربية الفلسطينية في الداخل، علمًا بأن أغلبية الشعب الإسرائيلي لا تقبل تعيين وزير الدفاع الجدير وتتعجب لعدم اختيار نيتناهو لأي تحالف آخر ويعادي من وقف إلى جانبه.
وقد تردد سابقا أثناء تعيين ليبرمان وزيرًا لخارجية إسرائيل أنه بصدد ترشح صديقه في حزب إسرائيل بيننا سفيرا لبلاده في القاهرة - وهذا الرجل يدعي «كمبسة» وبجانب أنه من المتطرفين فقد كان رهن التحقيقات في عدة تهم وضابطا سابقا تلطخت يداه بدماء الفلسطينيين.. طبعا كان هذا التفكير في تعيين هذا الرجل كيدا في مصر.
أما عن موقف زعماء حماس وملوك غزة لحل القضية الفلسطينية فهذا موضوع آخر.. فهم لن يتخلوا عن العز الذي يعيشون فيه والسلطات التي في أيديهم ولن يبيعوا من يمولونهم بالمال.. وسيكتفون بالشعارات الجوفاء مثل ما قاله المغوار محمود الزهار «ليبرمان.. إن كنت رجلا اقترب من غزة»!.
adelwadie@yahoo.com