سياسة النعام
غدا "الأحد 5 يونيو تحديدا"، ستبدأ وزارة التربية والتعليم في وضع اللمسات الأخيرة للقتل البطيء لطلبة الثانوية العامة، بعد صراع طويل مع الثانوية العامة طوال سنة دراسية "2015-2016 من عمر الطلبة وأسرهم، ستبدأ نهاية تلك السنة بامتحانات نهاية العام الفارقة في مستقبل الطلبة وأسرهم إذا جاز التعبير، فمن المتوقع أن تأتي الامتحانات من خارج المناهج "على الرغم أنها مكتظة"، ومن المتوقع أيضا إنكار المسئولين عن تعمد صعوبة الامتحانات، مصرحين بأن الأسئلة في مستوى الطالب المتوسط !
سنة حملت الكثير من التخبطات في قرارات وزارة التربية والتعليم غير المدروسة الأبعاد، أو غير الحكيمة، أو لنقل غير العقلانية أو واقعية أو منصفة لـ 450.181 ألف طالب وطالبة.
من القرارات المربكة والمتراجع عنها بما سببته من غضب عام هو قرار تخصيص 10 درجات على الحضور والسلوك بالنسبة لطلاب الثانوية العامة، وهو القرار الذي تم تجميده بأمر من رئيس الوزراء "بعد رفض الطلاب له٬ لإجبار الطلبة على الحضور في مدارسهم دون الاستفادة التعليمية بل مضيعة لوقتهم، نظرا لما اعتادوه من اعتماد طلبة الثانوية العامة الكلي على الدروس الخصوصية، بديلا للمدرسة غير المهتمة بهؤلاء الطلبة، كما يجعل القرار الطلبة تحت حد سيف مدرسي المدرسة التي لا يتلقون منهم تعليما بل الذل للحصول على درجات السلوك بين طالب ومعلم لا يعرفون أسماء بعضهم، لعدم وجود علاقة تعليمية بينهم من الأساس !
ولا ننسى قرار وزير التنمية المحلية بغلق مراكز الدروس الخصوصية في محافظات مصر، القرار غير المسئول، اعتقادا منه أنه يحارب مافيا الدروس الخصوصية ،غافلا أن الطلاب بدون تلك المراكز والدروس الخصوصية ليس لهم جهة تعليمية يدرسون من خلالها المناهج التعليمية التي توقفت المدارس عن تقديمها منذ عقود !
ناهيك عن المناهج التي تقدم في المراحل التعليمية الثلاث "ابتدائي وإعدادي وثانوي"، التي تعتمد على أن الطالب عبارة عن آلة للحفظ، وأن عقله لسنا بحاجة له بل لذاكرته القوية التي ستنجيه من "هوة" سخيفة تسمى "الامتحانات".
هنا يجب أن نذكر وزير التربية والتعليم بما أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره في مجال جودة التعليم التي احتلت فيه مصر المركز قبل الأخير لتسبق "غينيا" على مستوى 140 دولة في العالم!
وما بين مناهج مكتظة للحفظ وليست للفهم والاستفادة، وبين مدارس لا تقدم خدمة تعليمية، ووزارة لا تعلم شيئا عن طرق ومناهج التعليم الحديث وأساليبه وتقنياته، بل وزارة لا تساير واقع دولة تريد العبور بخطى نحو التقدم بتنمية فعلية من خلال أبناء شعبها في تطوير العملية التعليمية منهجا ومعلما وطلابا.
وبعد امتحانات الثانوية العامة سيكون دور وزارة التعليم العالي في القضاء على مستقبل طلاب الثانوية العامة التي برعت وزارة التربية والتعاليم في القضاء على حاضرهم باليأس، يأتي دور وزارة التعليم العالي في تحطيم ما تبقى من امل في دخول جامعات أو كليات تحقق رغبات الطلبة أو تتوافق مع ميولهم أو لنقل تهيئتهم لحياة عملية مثمرة للطلاب ولبلدهم.
وبما أن العذر الوحيد لوزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي هو عدد الطلاب الذي يقارب على نصف مليون طالب بما لا تستوعبه الجامعات المصرية والكليات، مما يجعل رفع نسب الالتحاق بكليات "القمة" أمر شبه محال إلا للنابغين !
وكما ساءت الخدمة التعليمية في التعليم الأساسي لوزارة التربية والتعليم لكثرة عدد الطلاب، منكرين أن معظم المناهج تعتمد على الحفظ والحشو وتعتمد كليا على الجانب النظري مهملة الجانب العملي، وعدم مواكبة الوزارة للمناهج وطرق التعليم الحديث، وتدريب المعلمين على أحدث وسائل التعليم وتوفير أساسيات التعليم الحديث من معامل مجهزة ، ومناهج متطورة تعتمد على الفهم لا الحفظ، نجد الخدمة المقدمة من وزارة التعليم العالي لا تقل سوءا ، بل تزيد إنكارا من المسئولين، فلا معامل حديثة بالجامعات ولا مبان مطورة لتدريس مناهج مطورة للطلاب، وضعف الإمكانيات والوسائل العلمية نتيجة دائمة لضعف التمويل والدعم من موازنة التعليم في الحكومات المتعاقبة في مصر.
ونحصد في نهاية الكفاح التعليمي وبعد التخرج على "فجوة" بين محتويات المناهج ومتطلبات سوق العمل!
ويتحتم علينا ذكر ما أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي 2014-2015 بشأن مؤشر التعليم العالي والتدريب، حيث وصلت مصر إلى الترتيب 111 من بين 144 دولة عالميا، ردا على ما صرح به وزير التعليم العالي بالبرلمان المصري في 30 مايو 2016: تعليمنا أفضل من أي تعليم في العالم !
ناسيا أو ناكرا ما قد صرح به في 15 مايو 2016: ترتيب مصر عالميا في الابتكار ما زال متأخرا !
فلم تعد سياسة الإنكار تضيف إلى المسئولين سوى فقدان الثقة بهم من قبل الشعب المصري، المعايش والمعاصر والمعاني لكل مشكلات التعليم، المستنفذة لطاقات الطلاب وأموال أسرهم، والشاحذة لغضب مجتمعي ضد منظومة التعليم الفاشلة في مصر المنكرة من قبل المسئولين عنها !