رئيس التحرير
عصام كامل

صراحة السيسي و«توقيت» الحوار ومهزلة التليفزيون!


ربما كان الحوار مع الرئيس السيسي والذي أجراه باقتدار الإعلامي الكبير أسامة كمال، قد أجري قبل عدة أيام لا تقل عن العشرة، ولنا على ذلك بعض الملاحظات والأدلة، فلا يمكن أن يجري حوارًا مع الرئيس قبل رمضان بيومين ولا يهنئ الرئيس شعبه وأمته العربية بالشهر الكريم، لا في أول الحوار ولا في آخره، كما لا يمكن أن يكون الحوار تم قبل يومين أو ثلاثة أو حتى أسبوع ولا يتم الحديث عن حادث الكرم بالمنيا، ولا يمكن الحديث عن العشوائيات دون التطرق لمشروع الأسمرات، كما لا يمكن أن يدور الحوار حول الإفراج عن الشباب دون التطرق إلى أحكام استئناف مظاهرات 25 وتغريمهم 100 ألف جنيه لكل منهم بدلاً من الحبس، بينما يدور حول قضايا تظاهر قديمة، كما لا يمكن الحديث عن النجاح في إفشال مؤامرات إفساد علاقاتنا مع دول صديقة من دون الحديث عن وفد البرلمان الفرنسي كمثال على قمة النجاح، في ذلك كما لا يمكن الحديث عن السلام في الشرق الأوسط ويتم تجاهل مؤتمر باريس للسلام والذي افتتح أمس الجمعة إلا إن كان الحوار مع الرئيس تم قبل أيام لا تقل عن العشرة، وإنه تم إعداده دون تحديد موعد إذاعته حتى تحدد فجأة!


على كل حال الملاحظات الشكلية لفتت الأنظار، فليست المرة الأولى التي تحدث فيها أخطاء في خطاب مسجّل للرئيس المفترض أنه في أيد مؤتمنة فلم يتفاجأ مسئولو التليفزيون أو قطاع الأخبار أن حوارًا مهمًا للرئيس، هو بين أيديهم وسيذاع أمس، كما أن الملاحظات لم تتوقف عند الخطأ الأول في إذاعة جزء من منتصف الخطاب ثم العودة وقطع الحوار لإذاعته كله بعد الاعتذار من جديد بل وصلت الأخطاء لأخطاء إملائية في كتابة الأخبار الأولية التي تظهر على الشاشة (الباندا) وهي أخطاء لخطاب مسجل، كما بدت أخطاء في الصوت في بعض المقاطع ليس من اللائق مع حوار مسجل ومنتظر للرئيس أن تتم، فإن كانت حوارات الرئيس المرتقبة والمسجلة والمفترض أن تكون روجعت عدة مرات، فماذا يحدث إذن في باقي برامج ماسبيرو؟!

ولذلك تبدو معركة صفاء حجازي في المبنى طويلة وإن كنا ندعو للتطهير وأن تكون يد التطهير في محل الفعل وليس رد الفعل والتطهير لا يعني استبعاد الطابور الخامس فقط، وإنما الفشلة والمهملين أيضًا.

أما عن المضمون فتبدو أهم نقاط الخطاب على الإطلاق قول الرئيس "أدبيات العلاقة السابقة مع أمريكا لا تلزمني" وهي ليست ردًا على أهل الشر المنحرفين بتحليلاتهم واستنتاجاتهم عن العلاقة بين مصر وأمريكا فحسب، وإنما كانت العبارة ردًا على القائلين إن الرئيس لا يتحدث بصراحة، أليس هناك صراحة أكثر من ذلك، فالرئيس يعلنها أن الأدبيات السابقة وهي باختصار أسس العلاقات مع أمريكا، التي قيلت في عهود سابقه مثل "99% من أوراق الشرق الأوسط في يد أمريكا" و"العلاقات الخاصة" وغيرها لا تلزم السيسي، ولا يتعامل على أساسها، وبالصراحة نفسها تناول السيسي قضية الدعم وقضية المحبوسين على ذمة قضايا أصر السيسي على القول إن 90% منهم على ذمة قضايا جنائية، أي حرق وتدمير ممتلكات عامة وخاصة أو عدوان على ضباط وجنود، أو حمل أسلحة، ولا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير، إلا أن الرئيس عاجل محاوره بالقول إن الدفعة الرابعة من مراجعة المحبوسين قادمة ونتوقع أن تكون قبل العيد.

الرئيس لم يرد اتهام عناصر مصريه بالتآمر على شبكات التواصل الاجتماعي، رغم أنه يعرف ونحن نعرف أن عناصر مصرية تفعل ذلك، كما أنه رفض اتهام عناصر مصرية بالفساد، لاستيلائها على أراضي الدولة، بل وصف فعلها بالتجاوز، كما رفض لفظ "خلاف" عند الحديث عن الصحافة والإعلام، باعتباره لفظًا غير مناسب لما يجري، بل تحدث عن الصحافة والإعلام بلطف يتجاوز الحوارات السابقة، مؤكدًا بشكل مطلق أن حرية الرأي والتعبير والصحافة لا مساس بها، ولا تراجع عنها، وهذا طرف خيط جديد -بعد قانون الصحافة الرائع- يمكن التقاطه لتهدئة العلاقة بين الدولة ونقابة الصحفيين، خصوصصا أن الأمر أصبح كله خارج يد السلطة التنفيذية الآن، وباتت في يد القضاء المصري، ولكن التقاط الخيوط يحتاج دائمًا إلى أذكياء وشجعان.

تبقى نقطة مهمة وهي ترك الرئيس باب "صنافير وتيران" مفتوحًا، وصار القرار للبرلمان، ولا نعرف هل يتم التمهيد لشيء ما أم لا، حيث نلاحظ أيضًا أن القضية لم يتم التعرض لها إلا في جملتين، الأولى هي ما ذكرناه، والثانية أن هناك طرفًا فشل في التأثير على المصريين في دعوتهم للتظاهر.

ننتظر الآن تحقيقًا شفافًا وسريعًا في نتائجه داخل التليفزيون، كما ننتظر ردود فعل الحوار شرقًا وغربًا، وهنا في مصر أيضًا.
الجريدة الرسمية