العنصرية على أرض مصر
في منطقتنا التعيسة لا تندهش حينما يقف اللص ليخطب معلمًا الناس الفضيلة، ولا تتعجب حينما تقف بائعات الهوى ليعلمن السيدات الفضيلة، ولا تتحير حينما يقف مسئول ليسب عنصرية إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.. نحن شعوب نؤمن أننا أفضل من أُخْرِجَ للعالم فلدينا الفضيلة والدين والحضارة وفوق ذلك ملكنا الحقيقة كاملة ونعيش في حالة انفصام كامل بين واقع مر ومستقبل أمر.
فجامعاتنا الدينية تُعلم الطلاب أكل لحوم البشر، ورجال الدين لدينا يتبارون بالكلمات معلنين للعالم أن جامعاتنا الدينية لم تُخَرّْج إرهابيًا واحدًا!، وإعلامنا إعلام راقِص لم يكن لديه وقتًا للراحة، وشعبنا العظيم صورة مطابقة للشيزوفرينيا الدينية التي تعيشها المنطقة، فالكل يتحدث عن الفضيلة ولا يمارسها وعن الوطنية ولا يدركها وعن الأمانة ولا يعرفها وعن الرجولة ولا يعيشها....
وها نحن نلعن العنصرية التي تمارسها إسرائيل على أبناء الشعب الفلسطيني بينما نحن نمارس ما هو أقدح وأقبح، فهل سمعت أن في إسرائيل 300 إسرائيلي وقفوا يكبرون وهم ينزعون عن سيدة مُسِنّْة ملابسها وسط التكبير؟ هل سمعت أن إسرائيل تقوم بطرد وتهجير فلسطينيين لكونهم قاموا بتفعيل خاصية (إعجاب) على فيس بوك؟ هل سمعت عن حبس أربعة أطفال خمس سنوات لكونهم سخروا من داعش؟ هل سمعت عن إسرائيلي حرق 85 مسجدا خلال يومين؟ هل سمعت عن تجمهر طلاب مدرسة إسرائيلية ضد مديرة مدرستهم لكونها فلسطينية رافضين تعيينها ؟ هل سمعت عن إجبار حكومة إسرائيل على سحب محافظ مسلم بعد تعيينه؟ هل.. وهل.. وعشرات الآلاف من الأمثلة الحية تقف شاهدة أمام التاريخ على عنصرية مصرية فجة..
نحن شعب ونظام مريض بمرض الكراهية وعدم الإنجاز.. الكراهية التي تجرعها مئات الآلاف في المدارس الدينية التي تحرم الآخر من الالتحاق بها فيتخرج سنويًا مئات الآلاف من أشباه البشر لا يدركون أن هناك آخر ولا يعرفون أنهم أصحاب وطن فيعيشون بثقافة أُحادية ويعلمون ملايين آخرين العنصرية الحقة لأنهم أحاديو الثقافة والانتماء والهوية !!
هناك علاقة طردية بين المرض والدواء فكلما كان المرض مستعصيا كان العلاج قاسيًا هكذا مؤسسات مصر تحتاج إلى ثورة وقبول الكلمات اللاذعة والقاسية ربما يفوق ذوي النرجسيات الدينية الذين اعتقدوا خطأ أنهم الأفضل ولكن في القيم الإنسانية بلا رصيد وفى القيم الأخلاقية والوطنية (مفلسين).
شعب قام بثورتين على الظلم والفساد وكان شعار "عدل حرية مساواة" فلا عدل ولا حرية ولا مساواة بل هناك ظلم وعنصرية وسجون وجهات أمنية تتفنن في حياكة قضايا للمخالف وقادرة على إنهاء كل القضايا.
نحن نحتاج إلى ثورة داخلية، نحتاج إلى قنابل نووية قادرة على تحطيم أسوار النرجسيات الدينية.. لندرك بحق إنما الأمم الأخلاق.. نحتاج إلى جلد ذات.. إلى ثورة لمنع الازدواجية.. لمنع الاضطهاد.. لمحاسبة المسئولين وإقالة وحساب عسير إذا لزم الأمر.. نحتاج إلى هدم فكر عتيق تسير عليه الدولة المصرية منذ عام 1952 (أهل الثقة أولى من أهل الخبرة) رغم سقطاتهم وفشلهم وعدم درايتهم.. وفى أحيـان عديدة عنصريتهم ودروشتهم أيضًا.
أخيرًا نحن نحتـاج إلى دين جديد قادر على صنع إنسان له قيم حب وإخلاص وتفانٍ لأجل الوطن والآخر... نحن لا نحتاج إلى دعاة بل نحتاج إلى مواطنين مؤمنين بحب البلد حتى تنتهي العنصرية ونثبت للعالم أننا أفضل من إسرائيل.
ترى هل يأتي هذا اليوم !!؟
Medhat00_klada@hotmail.com