رئيس التحرير
عصام كامل

مدير برامج المياه بوفد الاتحاد الأوروبي بالقاهرة: لا نشارك في بناء «سد النهضة» الإثيوبي

فيتو

>> مصر دخلت مرحلة الفقر المائى منذ الثمانينيات
>> الفارق بين ما يدفعه المصرى لفاتورتى الموبايل والمياه كبير

>> المواطن الفقير لا يحصل على الدعم الحقيقي

كشف أيمن عياد مدير برامج المياه والمرافق بوفد الاتحاد الأوروبي لدى مصر، عن تفاصيل التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي لتحسين إدارة المياه، والتغلب على مشكلات نقص الموارد المائية.
كما أوضح “عياد” أن الاتحاد الأوروبي قدم منحا لقطاع المياه في مصر بقيمة 345 مليون يورو بما يعادل 3.450 مليارات جنيه خلاف الحزم الاستثمارية التي تمت بالتعاون مع جهات مانحة أوروبية تقدر بـ 1.3 مليار يورو سواء لمشروعات المياه أو الصرف الصحي.

وإلى نص الحوار:

> بداية.. حدثنا عن طبيعة التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمشروعات المياه؟
الاتحاد الأوروبي يعمل على تعزيز التعاون مع مصر لتطوير قطاع المياه، ومحفظة دعمنا لقطاع المياه خلال 7 سنوات الأخيرة لمصر وصلت إلى345 مليون يورو، وذلك خلاف الحزم الاستثمارية التي تمت بالتعاون مع جهات مانحة أوروبية مثل بنك التعمير الأوروبي، بنك التعمير الألمانى بنك الاستثمار الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية، والتي تقدر بـ 1.3 مليار يورو سواء لمشروعات المياه أو الصرف الصحي، وتتضمن مشروعات بنية تحتية ومنها مشروع الصرف المغطى بالتعاون مع وزارة الرى ومشروع تحسين مياه الشرب والمنفذ في 9 محافظات، ومشروعات بناء القدرات وتحديث الخطة القومية للموارد المائية ومشروع الإستراتيجية القومية للصرف الصحى للقرى، وإستراتيجية تقليل فواقد المياه، ومشروع دعم التخطيط المتكامل في قطاع المياه ويستهدف التعاون مع كل الوزارات المعنية ودعم التخطيط المتكامل لتوحد تلك الجهات خططتها الاستثمارية لقطاع المياه للتوافق مع الخطة القومية مصر 2030، بحيث تكون هناك أولويات قومية وليس لكل وزارة على حدة، في ظل اعتزام الدولة إطلاق عدد من المشروعات القومية الكبرى ومنها مشروع استصلاح المليون ونصف فدان.

> هل هناك تعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في إطار تنفيذ المشروعات الجديدة؟
الاتحاد الأوروبي شارك في عمل دراسات ما قبل الجدوى الاقتصادية لمشروع استصلاح المليون ونصف فدان وتم تسليم نتائج الدراسات للوزارات المعنية ومنها الإسكان والرى والزراعة، وتم الأخذ بالعديد من النقاط بالدراسات التي تم إعدادها.
كما أن الاتحاد الأوروبي أعد دراسات ما قبل الجدوى الاقتصادية لمشروع مصرف الغربية الرئيسى “كتشنر” والذي يعتبر من أكثر المصارف الملوثة للبيئة في منطقة الدلتا، يغطى محافظات الغربية وكفر الشيخ، والدقهلية.
كما أننا لأول مرة ندرس حزمة استثمارية متكاملة، بما يعنى دراسة الاستثمارات المطلوبة لتحسين جودة المياه ونزع جميع مصادر التلوث سواء تلوثا صناعيا أو زراعيا، بما يمكن الدولة من إعادة استخدام المياه بطريقة آمنة وتقليل الفجوة المائية التي تعانى منها مصر، وذلك من خلال وجود استثمارات متكاملة ولا يعمل الصرف الصحى بمفرده أو الصناعى بمفرده وهكذا، وذلك بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي.

> هل هناك منح أو تمويل جديد لمشروعات المياه خلال الفترة المقبلة؟
بالفعل.. تم توفير 45 مليون يورو لدعم قطاع المياه، والقطاع من أولوياتنا والاتحاد الأوروبي يوفر منحا لا ترد لمصر، كما أنه يشجع أيضا الجهات المقرضة الأخرى لتوفير التمويل اللازم لتلك المشروعات ومنها بنوك عالمية وأوروبية حيث إن هذه المنح تغطى المخاطر الائتمانية والتمويلية لتلك المشروعات، خاصة أنها مشروعات خدمية ومعدل استعادة التكاليف بها لا تكون مائة بالمائة نظرا لفارق التعريفة الحقيقية للمياه.

> ما هي أوجه الإنفاق المقرر أن تذهب إليها المنح؟
40 مليون يورو ستوجه للمرحلة الثالثة للمشروع القومى للصرف المغطى ويموله البنك الإسلامى للتنمية وبنك التنمية الأفريقى والاتحاد الأوروبي ويهدف لتوصيل المياه للمناطق الزراعية المتضررة واستبدال الشبكات القديمة المتهالكة، حيث إن الصرف المغطى أثبت فعالية كبيرة ومنها توفير حجم المياه المستهلكة ويحسن جودة التربة ويرفع إنتاجية الأرض بنسبة 25- 30%، ويقلل من ملوحة التربة، وذلك يأتى في صالح المزارع البسيط وهم الفئة التي نحاول أن نعطيها المزيد من الأولوية، و5 ملايين يورو منحة لوزارة الرى لبناء القدرات للعاملين بالوزارة وإعداد كوادر قادرة على عمل الدراسات اللازمة لما قبل الجدوى الاقتصادية، وبناء القدرات في مجالات مختلفة ومنها تحديد أولويات الاستثمار، والفكر المالى والتنموى وتقديم الاستشارات الفنية لمراجعة القوانين، وتدريب لروابط مستخدمى المياه للقيام بدور فعال في استخدمات الموارد المائية، لأن الدولة بمفردها لن تستطيع إدارة منظومة المياه.

> بصراحة.. كيف ترى حل مشكلة المياه في مصر؟
مصر تعانى من ندرة مياه منذ عقود ومواردها محدودة من مياه النيل والمياه الجوفية والأمطار، ولا تزيد عن 60 مليار متر مكعب، في حين يصل حجم الاستهلاك سنويا لـ76 مليار متر مكعب سنويا، ومع زيادة السكان وارتفاع المساحة المزروعة واستخدامات المياه الصناعية وغيرها، من المتوقع زيادة حجم المشكلة والعجز المائى نتيجة التغير المناخى وتراجع حجم الأمطار في هضاب إثيوبيا منبع نهر النيل، علاوة على التحديات الأخرى، واهتمام الدولة بتحسين استخدامات المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحى أحد أهم الحلول لمواجهة مشكلة العجز في المياه.

> كيف ترى تداعيات سد النهضة الإثيوبى على مصر؟
الاتحاد الأوروبي ليس له أي تعليق على مشروع سد النهضة، ونعمل مع مصر لأنها دولة مهمة ومستعدون للمساعدة في كافة الأوجه، وأريد التأكيد هنا بأننا لا نشارك في بناء سد النهضة، وحكومات مصر وإثيوبيا والسودان يبحثون فيما بينهم الطريقة المثلى لإدارة مواردهم المائية ونقف على مساحة واحدة من جميع الأطراف، ولو طلبت كل الأطراف مساعدة الاتحاد الأوروبي للتدخل في الملف نحن على استعداد لذلك، لكن لم يطلب أحد هذا الأمر، ولدينا ثقة في أن الحكومة المصرية ووزارة الرى بتاريخها الطويل قادرة على إدارة الملف بذاتها.

> ما هي الحلول المتاحة لأزمة نقص المياه في مصر؟
مصر دخلت الفقر المائى منذ الثمانينيات، وهناك دول عربية تعانى من شح مائى أكثر من مصر مثل المغرب ودول الخليج وبعض الدول الأفريقية ولكن نجحت تلك الدولة في مواجهة ذلك من خلال الإدارة المتكاملة للمياه والتخطيط المتوازن وتحديد الأولويات طبقا لأوجه الصرف ووفقا للإمكانيات المتاحة ونحن ندعم ذلك لأن مصر تمر بوقت حرج مع الزيادة السكانية ونمو الأراضى الزراعية والصناعية، وخطة الدولة للتنمية المستدامة.

> ماذا عن تحلية المياه لتوفير موارد جديدة؟
تحلية المياه موجودة في بعض المناطق المصرية وتبقى حلا للمناطق السياحية والصناعية الساحلية لكنها تواجه تحدى ارتفاع تكلفة تحلية المياه حيث تصل تكلفة تحلية متر المياه المكعب لنحو 0.7 دولار بما يعادل نحو 5-6 جنيهات مصرى، وهناك فارق كبير وفجوة بين التكلفة وسعر البيع وفقا لتعريفة المياه الحالية، لذلك من الصعب موافقة أي جهة تمويلية دولية لدعم مثل تلك المشروعات في ذلك الفارق الكبير في السعر، وفى حالة تحمل الدولة تكلفة تنفيذها ستواجه مشكلات في الصيانة والإدارة.

> كيف ترى تعريفة المياه في مصر؟
وفقا لدراسات أعدها خبراء دوليون فإن تعريفة وأسعار المياه في مصر من أقل التعريفات في العالم، وهى تمثل 25% من أسعار المياه في الكثير من الدول المحيطة بمصر، ويجب ضمان وصول الدعم لمستحقيه في المياه، حيث إن المناطق الراقية في مصر هي التي تحصل على المياه بصورة منتظمة وبأسعار مدعومة، في حين أن المناطق الفقيرة تعانى من مشكلات، وإذا قارنا بين ما يدفعه المواطن المصرى لفاتورة الموبايل وفاتورة المياه فإن الفارق كبير للغاية، والمواطن الفقير لا يحصل على الدعم الحقيقى حيث إنه يقطن في مناطق تعانى من مشكلات كثيرة في توصيل المياه والشبكات والضغوط، في حين أن الأعلى دخلا يتمتع بشبكات مياه مميزة.
وأرى أيضا في هذه النقطة أهمية أن تراعى التعريفة أيضا حجم الاستهلاك، حيث إن متوسط استهلاك الفرد معروف عالميا ومن يستهلك مياها لرى حديقته أو ملء حمام السباحة لابد أن يتحمل تكلفة المياه الحقيقية ولا يحصل على دعم، خاصة وأنه قد يكون ذلك على حساب حق مواطن آخر، ويجب أيضا مراقبة أداء شركات المياه لقياس مدى كفاءة إدارة هذه الشركات وإدارة المياه وتجديد الشبكات وضغوط المياه.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لــ "فيتو"
الجريدة الرسمية