رئيس التحرير
عصام كامل

مواطن وطبيب وإعلامي


ليست الجمعيات الأهلية التابعة للإخوان فقط؛ فهناك مئات الجمعيات يجب أن تعيد وزارة التضامن الاجتماعي النظر إليها، وتتوقف أمام حجم التبرعات التي تجمعها وعلي ماذا تنفقها؟ فإذا كانت جماعة الإخوان تخصص جزءا من دخول جمعياتها، سواء في الداخل أو الخارج، لنشر الفوضى في مصر.. فإن هناك جمعيات أخرى تتاجر بأوجاع البسطاء، وتعزف على أوتار الفقر والمرض، تجمع الملايين في الخفاء وتنفق الملاليم في العلن، وإذا كانت القيادة السياسية تطالب بدور أكبر للمجتمع المدني في إعادة بناء مصر وتحقيق العدالة الاجتماعية، فعلي وزارة التضامن أن تبحث عن اَلية لتوحيد جهود الجمعيات الأهلية واستبعاد المارق منها.


رأينا بصمات الجمعيات الكبرى في القري الأكثر فقرا بصعيد مصر، وأحياء القاهرة العشوائية وريف الوجه البحري وكان اَخرها أمس الأول أثناء تدشين الرئيس لحي الأسمرات الذي انتقل إليه سكان الدويقة، ورأينا على الجانب الآخر جمعيات تعد العدة للتسول في شهر رمضان، يبتكرون في إعلاناتهم التي ينفقون عليها الملايين لابتزاز البسطاء، وتوجيه أموال الزكاة إلى صناديقهم السرية، فهذا طبيب يتاجر بأكباد مرضاه، يجمع عليهم تبرعات بالملايين، ومع ذلك لا يحن قلبه لمريض ادخر من قوت يومه سبعمائة جنيه هي سعر تذكرة كشف هذا الطبيب، وهذا اَخر ظهر فجأة بلحيته ولا أعرف عنه غير أنه "داعية" يستأجر الهواء من إحدى القنوات المعروفة، يدفع في نصف الساعة ثلاثين ألف جنيه، ويكتب أرقامًا لحساب على الشاشة، ليس في شهر رمضان فقط ؛ ولكن طول العام.

جمع التبرعات أصبح "بيزنس" ضخمً.. يروق للفهلوية العمل فيه، وتستدعي ذاكرتي هذا الإعلامي الذي يصطحب معه اسم جمعيته أينما حطّ رحاله. منذ ثلاث سنوات سافر الإعلامي الشهير إلى الخارج ليجمع تبرعات من المصريين، واصطحب معه أحد الفنانين وممثلة نصف معتزلة.. اختفت مع اختفاء عبد المنعم أبو الفتوح بعد أن خاب أمله وأملها وبعض زملائها في أن يكون رئيسا.. اصطحبهما هذا الإعلامي ليضفي الشرعية على ما يجمعه من تبرعات، لكن سرعان ما تلاشي هذا التكتل، وبالطبع تلاشت معه التبرعات ولم تتلاشَ جمعية هذا الإعلامي.

قبل أن يهل هلال رمضان.. سنجد هلال جمعيات الفهلوة على الشاشات، طفل يبكي من شدة الجوع، وأرملة تعيش في بيت من صفيح، ومريض رث الثياب يمد يده طالبًا المساعدة.

على وزارة التضامن ألا تبذل جهدًا في البحث عن هذه الجمعيات.. لكن عليها فقط أن تتابع إعلاناتها على القنوات في شهر رمضان، وتبحث عن ملفاتها بشفافية بعيدا عن فبركة القائمين عليها، وإذا اكتشفت تلاعبًا فإن عليها أن تحول أموالها لصندوق "تحيا مصر" تحت بند "علاج الفقراء" الذين تلاعب بأوجاعهم عباقرة الفهلوة والتسول.
الجريدة الرسمية