رئيس التحرير
عصام كامل

دعوى قضائية تطالب بإلغاء معارض الآثار في الخارج.. نور الدين عبد الصمد: تخالف الدستور والقانون.. تعرض التراث المصري للتلف.. تعتبر تخليا عن ملكية الشعب.. وإلهام صلاح: خير سفير لمصر

وزارة الآثار
وزارة الآثار

تواجه وزارة الآثار أزمة حقيقية، بسبب الدعوى القضائية التي قدمها أثري بمجلس الدولة للمطالبة بعودة آثار معرض اليابان ومعرض لندن إلى مصر، لمخالفة ذلك للدستور والقانون وذلك بعدما اتجهت وزارة الآثار بعد ثورة 25 يناير 2011، إلى الموافقة على سفر معارض الآثار للخارج، لتعويض العجز الشديد داخل الوزارة بعدما فقدت نحو 80% من إيراداتها جراء انخفاض السياحة الأجنبية الوافدة للبلاد التي أثرت على خطة القطاع في عمليات الصيانة والتطوير والترميم للمباني والمتاحف والمزارات الأثرية.


البداية عندما أقام الأثري نور الدين عبد الصمد، دعوى قضائية، بمجلس الدولة حملت رقم 54242 لسنة 70 قضائية، طالب فيها بعودة آثار معرض اليابان ومعرض لندن إلى مصر، لمخالفة ذلك للدستور والقانون.

جدية التعاقد

وقال عبد الصمد في دعوته، إن الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار السابق، سلك طريق تأجير الآثار نظير ثمن بخس لا يتجاوز 340 ألف يورو، في حين أن معرضًا لآثار مصر المستنسخة أقامه الأثرى أريك هورننج، بالاشتراك مع مسئول كبير سابق بالآثار بلغت عائداته أكثر من 600 مليون دولار، لم تتقاضَ منها مصر دولارًا واحدًا، ما يثير شبهات كثيرة حول جدية التعاقد على عرض آثار مصر الأصلية خارج أراضيها، فضلًا عن أن موضوع سفر المعارض سبق أن رفضته المحكمة الإدارية العليا وكل محاكم مجلس الدولة بدرجاتها.

وأوضح عبد الصمد، أن المحكمة الإدارية العليا رأت حذف المادة العاشرة وإلغائها من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، وهي التي تسمح بسفر آثار مصر خارج أرضها، وما زال الأمر معروضًا على المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 152 لسنة 35 دستورية، ورغم علم الوزير السابق للآثار الدكتور ممدوح الدماطي بذلك، فإنه لم يحترم القانون ولا الدستور وتعاقد على عرض الآثار خارج مصر.

وتابع عبد الصمد أن الدكتور ممدوح جاد الدماطي وزير الآثار السابق، أصدر قرارًا بتأجير 120 قطعة أثرية مصرية من عصر الدولة القديمة لعرضها ببعض المدن اليابانية حتى عام 2017، وقرار آخر بسفر 293 قطعة أثرية مصرية من ناتج حفائر إدارة الآثار الغارقة إلى مدينة لندن على أن يتم عرضهم بعد ذلك بإحدى المدن الألمانية والعودة عام 2017.

ونصت المادة 49 من الدستور على أن تلتزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وترميمها، كما جاءت المادة 50 من الدستور في نفس السياق والمعنى، وتعتبر جميع الآثار من أموال الدولة العامة طبقًا لنص المادة السادسة من القانون رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته بشأن حماية الآثار، وهذا يعني التزام الدولة بالحفاظ على تراث مصر الحضاري.

وعليه فقد خالف المدعى عليهم نصوص الدستور والتي توجب على الحكومة حماية حقوق المواطنين طبقًا لنص الدستور حيث لا يجوز للحكومة أن تتخطى السياسات العامة للدولة وأولها الحفاظ على الآثار وحمايتها، كما تواترت الأعراف الدستورية المصرية في ذلك الشأن وأكدت عليه مرارًا حيث نصت المادتين 12، 33 من دستور 1971 على حماية تراث مصر وكذا نصت وثيقة إعلان الدستور عام 1971 على نفس المعنى، وفى ذات السياق نصت اتفاقية حماية التراث العالمي لمنظمة اليونسكو على أن تتكفل كل دولة بحماية آثارها، ووقعت مصر على هذه الاتفاقية وأصبحت جزءًا من نسيج التشريعات المصرية في عام 1972 طبقًا لنص المادة 151 من دستور 1971 الذي كان ساريًا وقتئذ.

جدير بالذكر أن الاتفاقية نصت على تكليف مصر بحماية آثارها في المادة 4 والمادة 6/1،3، وتواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا برفض سفر آثار مصر أو تأجيرها خارج مصر أو داخلها حيث ورد في حيثيات الطعن رقم 943 و1640 لسنة 40 ق.ع.

وأكد عبد الصمد، أن عرض نفائس أثرية من تراث مصر خارج أراضيها وسط حراسة لشركة أجنبية خاصة دون أدنى ولاية أمنية مصرية على المعروضات الأثرية الأمر الذي يعتبر تخليًا عن ملكية الشعب المصري لهذه الآثار ونقلًا لهذه الملكية لشعب آخر ولدولة أخرى وهو أمر لا تملكه سلطة مصرية خاصة فإنه لكي يكون التصرف في المال العام جائزًا فإنها يتعين طبقًا للمادة 88 من القانون المدني إنهاء تخصيصه للمنفعة العامة ومن ثم يتحول ملك خاص للدولة، والآثار لا يجوز إنهاء تخصيصها للمنفعة العامة ولا تقبل طبيعتها ذلك، ومن ثم يكون التصرف فيها بأي وجه من الوجوه تصرف يخرجها من حيازة الدولة إلى الغير.

تلف الآثار
وأوضح أن العديد من المعارض الخاصة بالآثار المصرية في الخارج تعرضت لتلف شديد خاصة التي عرضت في كندا والولايات المتحدة وأستراليا حيث أصاب بعض هذه الآثار أثناء عرضها تلف وكسر وعلى الأخص في أستراليا كما ورد في حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4052 لسنة 47 ق في صفحته العاشرة وتم تعويض مصر ماديًا عن هذه الجرائم التي لا يمكن أن يعوضنا عنها أموال الدنيا كلها.

تعزيز موارد وزارة الآثار
وردًا على أقوال بعض المسئولين الحاليين بوزارة الآثار والذين برروا حدوث هذا بزعم تعزيز موارد وزارة الآثار التي تئن من قلة الموارد بسبب ضعف السياحة، تساءل عبد الصمد، هل تأجير آثار مصر نظير مبلغ لا يزيد عن 340 ألف يورو هو الحل السحري للقضاء على الأزمة المالية بوزارة الآثار؟، ولو كان المسئول عن هذا التعاقد المجحف بكرامة وحضارة مصر صادقًا في سعيه لحل أزمة وزارة الآثار المالية لفكر في طرق أخرى معروفة لحل هذه الأزمة.

وأضاف أن أحد المسئولين عن الآثار اشترك مع شركة «فاكتيوم آرتي» السويسرية الخاصة، لعمل نموذج طبق الأصل من بعض آثار توت عنخ آمون بالمتحف المصري وعرضت هذه الآثار المقلدة بعدة مدن عالمية وبلغ عدد زائريها 4 مليون شخص وكان متوسط قيمة التذكرة الواحدة 17 يورو بما يعنى أن المعرض ربح أكثر من نصف مليار جنيه مصرى لم تحصل مصر على يورو واحد منها.

معرض «أسرار مصر الغارقة»

ومن جانبها أكدت إلهام صلاح الدين، رئيس قطاع المتاحف، أن نصيب مصر من إيرادات معرض «أسرار مصر الغارقة» بباريس بلغ ٥٤ ألف يورو، تم تحويلها إلى حساب وزارة الآثار، وذلك لأن من حق مصر الحصول على يورو من كل تذكرة بعد المائة ألف تذكرة الأولى، وهذا يؤكد تحقيقق ١٥٤ ألف زائر.

وأضافت إلهام صلاح، أن معرض عصر بناة الأهرامات باليابان لا يلقى قبولا كبيرا لكون الشركة المنظمة للمعرض حديثة في هذه الجزئية وليس لديها الخبرة الكافية وهذا لا يؤثر على مصر لأنها تقاضت ٢ مليون دولار مقابل المعرض، مشيرة إلى أن المعارض الخارجية خير سفير لمصر بالخارج ودعاية مجانية للمواقع الأثرية بمصر ما يزيد من معدلات التوافد السياحي.
الجريدة الرسمية