رئيس التحرير
عصام كامل

ننشر تفاصيل وثيقة منع العنف ضد المرأة.. الدول الغربية توافق على تحفظات الدول الإسلامية.. وتؤكد ضرورة إنهاء العنف ضد النساء والفتيات.. التأكيد على ربط ما جاء بالوثيقة بالقوانين والتشريعات الوطنية

 العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة

على الرغم من مرور أكثر من أسبوع على إصدار الوثيقة الختامية "لمنع كافة أشكال العنف ضد المرأة والفتاة" إلا أنها ما زالت تحظى بردود فعل متباينة تجد صداها فى المجتمع المصرى بين المتخصصين ورجال الدين ورجل الشارع العادى.

ركزت الوثيقة التى صدرت بتوافق الأراء فى ختام اجتماعات الدورة 57  للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة التى عقدت بنيويورك فى الفترة من 4 إلى 15 مارس الحالى (ركزت) على قضايا العنف المستعصية والمستمرة كالاغتصاب وهتك العرض والقتل وجرائم الشرف والختان والتحرش بأنواعه، والعنف المنزلى وزنا المحارم، وزواج الأطفال.
ولم تتطرق الوثيقة لتناول أى قضايا أخرى كالأحوال الشخصية (الزواج أو الطلاق أو الميراث أو النسب) حيث كانت مناقشاتها مخصصة لموضوع "العنف ضد المرأة"، مشيرة إلى أن مفهوم العنف يتضمن الضرر الجسدى أو النفسى كالتهديد أو الحرمان التعسفى من الحرية .
وأكدت اللجنة خلال مناقشتها أن إنهاء العنف ضد النساء والفتيات أمر ضرورى من أجل تحقيق أهداف التنمية المتفق عليها دوليًا، ومن ضمنها الأهداف الإنمائية للألفية، الرامية إلى القضاء على الفقر، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والسلام والأمن، وحقوق الإنسان، والصحة والمساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة، والنمو الاقتصادى المستدام والشامل والتماسك الاجتماعى حيث رحبت الدول بالجهود الوطنية القائمة لمكافحة العنف سواء بالتشريع أو الإجراءات الإدارية وجمع البيانات، إلا أنه لا يزال عديد من التحديات تواجه الدول وتتطلب جهدًا أكبر.
وشهدت مسودة الوثيقة قبل إقرارها العديد من القضايا الخلافية حيث قدمت عدد من الدول الغربية وغيرها من بعض المناطق الجغرافية الأخرى مقترحات بتضمين بعض القضايا التى تهمها فى الوثيقة ومنها موضوع الإجهاض واختيار نوع الجنس ونشر استخدام وسائل منع الحمل بين الفتيات والعنف الممارس من الصديق الحميم فى العلاقة غير الزوجية، إلا أن مصر وكافة الدول النامية والإسلامية تمسكت برفض تناول هذه القضايا بالوثيقة.
واستمرت المفاوضات بين الأطراف المشاركة حول القضايا الخلافية حتى الدقائق الأخيرة من اجتماع اللجنة، وعندما تنازلت وفود الدول الغربية ومن يساندهم من الدول الأخرى عن إصرارهم على تضمين هذه القضايا بالوثيقة نظرًا لتمسك مصر والدول النامية والإسلامية برفض وجود هذه المصطلحات فى الوثيقة، أمكن الوصول إلى توافق للآراء حولها بصورة شبه نهائية.
وساد جو من التفاؤل فى الجلسة الختامية بعد إقرار الوثيقة، وأيدتها مع بعض التحفظات حول عدد من النقاط كل من مصر والعديد من الدول التى أكدت أهمية ربط تطبيق ما جاء بالوثيقة بالقوانين والتشريعات الوطنية لكل دولة، فيما تحفظت السودان على الإشارة إلى الالتزام بقرارات المحاكم الدولية، وتحفظت إيران على الفقرة الخاصة بقرارات مجلس الأمن نظرًا لموقف المجلس من فرض عقوبات عليها، أما بعض الدول العربية والأجنبية فقد تحفظت أيضا على بعض فقرات الوثيقة.
وتضمنت وثيقة " منع العنف ضد المرأة " الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة، خمسة مجالات رئيسية هى أولًا الالتزامات الدولية، وثانيا تعزيز تنفيذ وتطبيق القوانين والسياسات، وثالثا تحديد الأسباب الجذرية للعنف، ورابعا تعزيز الخدمات والبرامج لمواجهة العنف، وخامسا تحسين البيانات والإحصاءات.
وأهم ما جاء بالوثيقة الختامية التأكيد على المواثيق والاتفاقيات والالتزامات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمتعلقة بحقوق الإنسان، والمساواة وتمكين المرأة وتجريم العنف بما فى ذلك إعلان بكين، والمؤتمر الدولى للسكان والتنمية بالقاهرة، واتفاقية الطفل، واتفاقية منع كافة أشكال التمييز ضد المرأة، القانون الإنسانى الدولى، واتفاقية جنيف، ومحكمة العدل الدولية، وكذلك الاتفاقيات والمبادرات الإقليمية.
وأقرت الوثيقة احترام وحماية حقوق الإنسان بما فى ذلك حقوق المرأة وأنها مسئولية دولية لا تتجزأ، ويعتبر العنف ضد المرأة أكبر انتهاك معاصر لحقوق الإنسان.. مؤكدة أهمية التزام الدول بتعزيز وحماية كافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية مع احترام الخصائص القومية والإقليمية والخلفيات التاريخية والثقافية والدينية لكل دولة.
ودعت الوثيقة الدول بأن تقوم بمسئوليتها تجاه إدانة كافة أشكال العنف ضد المرأة والفتاة، وألا تتخذ الأعراف أو التقاليد ذريعة لعدم الوفاء بالتزاماتها فى القضاء على العنف، وأن تعمل على منع العادات والقوانين التى تشجع على العنف، مطالبة الدول بتوفير الحماية والرعاية لضحايا العنف واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمساءلة مرتكبى العنف ومحاكمة مرتكبيه.
وشددت على ضرورة تحقيق المساواة وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها فى الحياة الاقتصادية والسياسية لتتمكن من مواجهة العنف، والتأكيد على الاهتمام بالتعليم والقضاء على الأمية والفقر خاصة فى المناطق الريفية.
واكدت الوثيقة أهمية دور المجتمع المدنى فى مواجهة العنف وإشراك الرجال والفتيان للقضاء عليه، وضرورة الاهتمام بالأجهزة الوطنية المعنية بالمرأة وزيادة المخصصات المالية لها، والتركيز على دور منظومة الأمم المتحدة فى مواجهة العنف على المستوى الإقليمى والوطنى وذلك من خلال مساعدة الدول فى تنفيذ خططها لمواجهة العنف ضد المرأة والفتاة.
ودعت الوثيقة إلى تعزيز تنفيذ وتطبيق القوانين والسياسات، وتشجيع الاستفادة من مصادر القانون الدولى وأفضل الممارسات، وتنفيذ القوانين واتخاذ التدابير اللازمة لتجريم العنف وتوفير الحماية والوقاية، والتصدى للعنف الأسرى من خلال اعتماد وتنفيذ التشريعات التى تحظره وتوفر الحماية القانونية الكافية.
وشددت على ضمان وصول النساء والفتيات المعنفات إلى العدالة والمساعدة القانونية الفعالة، مراجعة وتنقيح وتعديل القوانين والسياسات والممارسات التى تحض على العنف ضد المرأة، ووضع وإقرار القوانين والسياسات والبرامج الخاصة بالتخطيط وموازنات النوع الاجتماعى، وزيادة الاستثمار فى برامج تمكين المرأة والمساواة وتعزيز وزيادة التعاون الدولى.
وأكدت وثيقة " منع العنف ضد المرأة " ضمان المساءلة فى أعمال القتل والتشويه واستهداف النساء والفتيات وجرائم العنف الجنسى بموجب العدالة القضائية الوطنية أو الدولية، دعم التعاون الدولى لمعالجة احتياجات المتضررات من الكوارث الطبيعية، والنزاعات المسلحة، وغيرها من حالات الطوارئ الإنسانية ودمج احتياجاتهن فى المساعدات الإنسانية.
وطالبت بالتصدى للاتجار بالنساء والفتيات والجرائم المنظمة عبر الحدود الوطنية من خلال تعزيز التشريعات وضمان معاقبة الجناة والوسطاء، تشجيع حملات منع أشكال التمييز والعنف ضد المرأة فى مكان العمل، واتخاذ التدابير المناسبة لحماية الحقوق الإنسانية للمسجونات.
ودعت الوثيقة فى مجال تحديد الأسباب الجذرية للعنف إلى ضمان التحاق الفتيات بالتعليم على جميع المستويات وتوفير بيئة آمنة، وتشجيع المشاركة الكاملة للمرأة فى الاقتصاد وعملية صنع القرار الاقتصادى، وتسريع الجهود الرامية للقضاء على الفقر بين النساء، وإجراء التدابير التشريعية والإدارية والمالية وغيرها لوصول المرأة إلى الموارد الاقتصادية، بما فى ذلك الحق فى الميراث وملكية الأراضى وغيرها من الممتلكات، والائتمان، والموارد الطبيعية والتكنولوجيات الملائمة.
وأوضحت الوثيقة أهمية توفير بيئة آمنة وخالية من العنف من خلال تحسين التخطيط والنقل العام وإنارة الشوارع لمنع التحرش والبلطجة، وبأماكن الرعاية الصحية، واتخاذ التدابير التأديبية والإجراءات اللازمة للتصدى للعنف فى أماكن العمل وحماية النساء والفتيات بالتعاون مع النقابات وأصحاب العمل والعمال.

الجريدة الرسمية