الشيخ محمد مصطفى المراغي يكتب: رياضة روحية
في جريدة الأهرام رمضان عام 1939، كتب الإمام الأكبر محمد مصطفى المراغى شيخ الجامع الأزهر، مقالا، قال فيه:
دار الفلك دورته وعاد رمضان سيرته فاللأمة المحمدية مني أصدق التهانى والإخلاص وعظيم الرجاء في أن يكون تجدد الشهور والسنين حاملا معه أحسن البشاير.
أقدم رمضان هذا العام والأمم في شغل شاغل وهم مقعد مقيم، ذلك أن الحرب تعم أرجاء الكون، وليس من شأنى أن أعرض للسياسة وأدلى برأيى فيها، فلا أنا من رجالها، ولا أنا من يحسن تناولها، غير أن رجال الدين يجب عليهم ألا ينسوا عبر الماضى والاتعاظ بالحاضر، ويجب عليهم أن ينبهوا إلى مواطن الداء، وما يرجى من الدواء.
والقرآن الكريم ليس كتاب سير وتاريخ، بل هو كتاب هداية، لم يسق القصص إلا للعبرة والعظة، ليقارن الناس بين الماضى والحاضر وليحذروا الشرور.
وأرى واجبا علي تنبيه المسلمين إلى أمور جديرة بالنظر والتنبيه، منها وجوب السعى إلى الوحدة الإسلامية ليتم بينها التعاون والتناصر ولتكون أمة قوية عزيزة الجانب.
وبعد فإن الصوم رياضة ومران للروح والجسد على ترك العادات وما تألفه النفس من الترف والنعيم، ومنبه إلى ارتباط النفس بالله وبالعالم العلوى البرئ من الشرور والآثام، ومن حق المسلم فيه أن يحقق لأخيه المسلم معنى الأخوة من الرحمة والرفق.
وأطلب إلى المسلمين جميعا أن يتذكروا دائما في جميع عبادتهم في شهر رمضان العظيم، الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، والضراعة إليه أن يعيد السلام إلى العالم، وأن يحفظهم جميعا من شر الطغيان، ويقيهم من عوادى الزمان ويحفظ نعمة الإيمان.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا جميعا سواء السبيل وينير لنا الطريق، إنه ولي الإنعام.