لغز اعتذار الجارديان !
اعتذار الجارديان أمس عن "فبركات" قام بها مراسلها في القاهرة ليس الأول في اعتذارات كبريات الصحف المحلية أو العالمية عن أخطاء وقعت منها..إنما شكل وطريقة وتوقيت الاعتذار هي التي تدعو للدهشة وللتأمل، بل وتدعو للحذر قبل الإشادة أو الترحيب بالاعتذار.. فربما كانت أول مرة في تاريخ الصحافة منذ عرفت البشرية الصحافة تعتذر فيه صحيفة من الصحف عن 37 تقريرا وتحقيقا و20 مقالا للرأي حتة واحدة!! هكذا بالجملة !!
وربما كانت المرة الأولى أيضا أن يتم الاعتذار بعد فترة طويلة من مغادرة المراسل المخطئ لموقعه، وانتقاله إلى مكان آخر ومهمة أخرى! وربما كانت المرة الأولى التي تعتذر فيه صحيفة بعد أن أرسلت محققا يتأكد من قيام محررها باللقاءات التي أجراها أو بالمناسبات التي حضرها أو بالأخبار التي أرسلها دون أن تقول لنا الصحيفة سبب كل ذلك!
الجارديان التي تسيطر قيادات قطرية متنفذة في الحكم بقطر على أكثر من 80 % من أسهمها ولعبت دورا خطيرا سابقا في الترويج لعدد من الشائعات انتقلت منها إلى الداخل المصري، وبالتالي فسوء النية متوفر في سلوك الصحيفة، ولا يمكن أن يقنعنا أحد بأن التوبة حلت على الصحيفة بين يوم وليلة ولذلك ندهش من حملة الترحيب باعتذار الصحيفة بل يفتح الاعتذار باب الأسئلة واسعا ومنها:
-من الذي قدم للصحيفة الشكوي أصلا من سلوك محررها؟ وهل بالضرورة أن يحضر مراسل أي احتفال وكل احتفال لكي يكتب عنه؟ وهل بالضرورة أن يري أصحاب أي احتفال كل الحاضرين ويعرفون أسماءهم ووظائفهم خصوصا أن الصحيفة تقول إن بعضهم نفي حضور المراسل "جوزيف مايتون" لمناسبات نظموها؟ وقد نتفهم الاعتذار عن تقارير وأخبار أرسلت من القاهرة لكن لا نفهم على الإطلاق اعتذار الصحيفة عن مقالات رأي كتبها المراسل !! فالقاعدة تقول إن "الخبر ملك للقارئ والتحقيق أو التقرير ملك للصحيفة والرأي ملك لصاحبه"! وبالتالي فالوحيد الذي له حق الاعتذار عن مجموعة المقالات هو صاحبها نفسه إذ إنها في الأول والأخير ليست إلا رأيا يتحمل صاحبه وحده مسئولياته الأخلاقية قبل القانونية!
اعتذار الجارديان لغز لا يتوقف عند حدود محاولة تبييض وجهها في مصر، ولا يستحق خلافا مع المحرر تفجير فضيحة كتلك، كما أن تحسين العلاقات القطرية - المصرية لا يبدأ بالجارديان إنما يبدأ بالجزيرة، وبالتالي فعلينا بذل مزيد من الجهد لفهم لغز الاعتذار.. لكن الاعتذار لم يتناول شيئا جوهريا ولا كبيرا ولا مفيدا، وبالتالي فهو لا يستحق الترحيب ولا الاحترام ولا يستحق إلا مزيدا من التأمل ومحاولات الفهم!