يحيى حقي يكتب: لم الشمل في رمضان
في كتابه «من فيض الكريم» كتب الأديب يحيى حقى مقالا يتذكر فيه ما كان يحدث في رمضان، يقول فيه:
«رمضان كريم.. أحب رمضان لأنه إلى جانب فضائله فهو الذي سينفرد بانتزاع الأسرة من التشتيت، ويلم في البيت شملها على مائدة الإفطار».
يبدأ الاحتفال في رمضان بليلة الرؤية، في وقت لم يكن هناك فيه إذاعة أو تليفزيون إلى جانبنا.
لم يكن هناك مذياع يجلب للناس أخبار الرؤية في منازلهم وهم معزولون عن الآخرين متقوقعون على أنفسهم، بل كانت جموع الصبية قبل الكبار تتجمع خارج باب المحكمة الشرعية في سراى رياض باشا.. حيث يجلس القاضى ينتظر وفود الرسل الذين خرجوا إلى مختلف المراصد والأماكن لرصد قطعة صغيرة من النور في السماء.. ماهو أرشق منها ولا أجمل.
وما إن تثبت الرؤية حتى تدار أكواب العصير على الحاضرين، وسط هتاف الصبية (صيام..صيام..بذا حكم قاضى الإسلام)، وهلال ليلة الرؤية ليس كبقية الأهلة، يظهر خطفا،لا ليضئ، بل ليومئ ثم يغيب ليجد نفسه يقول تباركت يا شهر الصيام، ما أقوى سحرك، وما أقوى حزبك.
ما أجمل القاهرة في تلك الليلة..المآذن زينة وفرح وابتهال يشرف عليها من مسجد القلعة نحيفتان ومتوجتان بالنور.