أيمن عبد التواب يكتب: غياب الشفافية في تسعير الأدوية.. ارتفاع أسعار «70%» عقار وبأثر رجعي.. «حيتان شركات الدواء» يلتهمون المرضى الفقراء.. والحكومة تبرر القرار بـ«الانحياز للمو
حالة من الجدل أثارها القرار الأخير لمجلس الوزراء بزيادة بعض أسعار الأدوية، ففي حين تؤكد الحكومة أن القرار «لصالح المواطن البسيط»، رأى بعض المختصين أن الدولة تنحاز لـ«مافيا الأدوية» على حساب الفقراء.
مجلس الوزراء قال: إن نسبة الزيادة 20% على الأصناف الأقل من 30 جنيها، لكن واقع الحال، وما أكده بعض الصيادلة، أن الزيادة وصلت في بعض الأصناف إلى أكثر من 100 %.
وبحسب صيادلة، فإن قرار الزيادة «غير واضح»، وتم الالتفاف عليه بإلحاقه بقرار آخر يتناول الزيادة على «سعر الوحدة، وليس سعر العبوة»، ما أدى إلى ارتباك بين الصيادلة في ضبط السعر الجديد.
الشريط وليس العبوة
المركز المصري للحق في الدواء، أكد وجود أكثر من 150 صنفًا صدر لهم قرار تسعير «على الشريط الواحد وليس العبوة»، واصفًا ذلك بأنه «أمر لم يحدث في كل دول العالم، واستهانة بقرارات مجلس الوزراء».
محمود فؤاد، مدير المركز، أكد في تصريحات صحفية، أن عددا من شركات التوزيع أغلقت فروعها لمدة يومين؛ لنزع الأسعار الموجودة على الأصناف التي سبق إنتاجها «ما عظم أرباحهم إلى ملايين الجنيهات في ساعات، وهو يمثل اعتداء على قرارات رئيس الوزراء الذي تعاطف معهم، فجاء الرد بالتلاعب بالجمهور».
وفي بيان أصدره المركز، أمس الإثنين، أوضح كيفية استغلال قرار زيادة أسعار الأدوية في تجزئة العبوات، مدللًا على ذلك بأن «شريط أقراص الريفو ارتفع سعره من 75 إلى 275 قرشًا، وبروفين أكياس من 25 إلى 65 جنيهًا، حقن فوستيمون من 55 إلى 90 جنيهًا، البلافيكس من 205 إلى 370 جنيهًا»، بالإضافة إلى أصناف أخرى أشار إليها في بيانه.
حيتان الشركات
«الحق في الدواء» رصد تراجعًا كبيرًا لمبيعات الصيدليات، الأيام الثلاثة الماضية، بعد هذه الزيادة التي وصفها بأنها «لم تراعِ البعد الاجتماعي وظروف المصريين الحالية، مثلما راعت ظروف الشركات الاقتصادية».
بعض الصيادلة، الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أكدوا أن كثيرًا من شركات التوزيع أوقفت البيع يومين أو ثلاثة، منها الشركة المصرية لتجارة الأدوية (قطاع عام)، أما الشركات الأقل فتؤكد عدم وجود 90% من الأصناف المطلوبة، ما يعنى امتناعها أيضا عن البيع.
قهر المواطن البسيط
وهنا تثور تساؤلات: إلى مَنْ تنحاز الحكومة، للمواطن الفقير أم لأصحاب شركات الأدوية؟ وكيف تكون زيادة الأسعار في صالح المواطن والمواطن يصرخ من ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات؟ ولماذا لم تأخذ مثل هذه القرارات الوقت الكافي لدراستها، خاصة وأن لها انعكاسات سلبية على المواطنين؟
وما هي الآلية التي ستعاقب بها الحكومة الشركات التي امتنعت عن البيع الأيام الماضية؟ وكيف تضمن الدولة عدم التفاف «حيتان الأدوية» حول هذا القرار، ويعطشون السوق مرة أخرى لزيادة أسعار منتجاتهم؟ ولماذا لم يتم إصدار قرار يتضمن أسعار الأدوية بكل دقة وأمانة، بحيث لا تكون هناك أي فرصة للتلاعب بالأسعار، مع مراعاة البعد الاجتماعي في زيادة أسعار الأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة؟