ساعات في أحضان الجمال
تظل الإسكندرية موطن الجمال في كل وقت.. نهرب إليها عندما تحاصـرنا ملوثات الزحام والعشوائيات التي تنهش جسد العاصمة المتثاقل.
وعندما تعانق أبصارنا أمواج البحر وتشتم أنفاسنا نسماته نشعر أننا نحلق في سماء السحر والصفاء.. هي الإسكندرية التي تجمع رونق كل العصور وتتزين بجمال الأزمنة بتنوعها وتباينها وتشكل في النهاية لوحة بديعة للزمن.
ورغم ما أصابها من أمراض العصر وسوء التخطيط وإهمال قيمتها.. تبقى الإسكندرية حالة فريدة من نوعها تحتفظ بجمالها وتأثيرها العميق في الوجدان.
والأسبوع الماضي كان لي حظ وافر من تذوق الجمال عندما حضرت مناقشة رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحثة هاجر عثمان شكري وموضوعها "وحدة الفنون البصرية كرؤى مستحدثة للفن المفاهيمي كمدخل لتنمية الإدراك البصري للمتلقي".. ورغم أن العنوان قد يوحي بالغموض لغير الفنانين التشكيليين والأكاديميين والمهتمين بالفنون الراقية، لكن عندما بدأت المناقشة اكتشفت أن موضوع الرسالة يمس وجدان كل إنسان يحب الجمال ويتذوق الإبداع بكل صوره وأشكاله.
وأبهرني الدكتور فاروق وهبة الجبالي، الأكاديمي الكبير والفنان العظيم والمشرف على الرسالة، بشرح نواحي الجمال في أعمال الباحثة ورؤيتها الجديدة لاستخدام عناصر عدة لإظهار الإبداع في تكويناتها إلى جانب أطروحاتها الفكرية والجمالية التي وصفها أعضاء لجنة المناقشة بأنها إضافة كبيرة للفنون وتعكس موهبة الباحثة وجهودها المضنية على مدى سنوات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية لتقديم رسالة متفردة بكل المقاييس.
واستمتعت بمناقشة الفنان والأكاديمي الكبير الدكتور أحمد عبد الكريم وكيفية تلمس نواحي الجمال في الأعمال وقراءة أبعادها ومعانيها العميقة وتأكيده أن الرسالة امتداد للأبحاث العلمية المتميزة التي أثرت هذا الفن وأنها إضافة عصرية كبيرة لكل المهتمين والباحثين.
ساعات ممتعة من مناقشة أعضاء اللجنة التي ضمت أيضًا الدكتورة خيرية عبد العزيز والدكتورة دينا عادل حسن، إلى جانب حديث الدكتورة ولاء إبراهيم محمد قاسم، عضو لجنة الإشراف.
وجاءت لحظات الفخر عندما أعلنت اللجنة منح الدكتوراه للباحثة.. لحظة لها دلالات ملهمة تؤكد أن العلم طاقة النور والأمل للشعوب.. وأن الجمال روح الحياة وسر السعادة الإنسانية.
هنيئًا لنا بابنتنا الدكتورة هاجر عثمان شكري.. وهنيئًا للفن الراقي بموهبة رائعة وأكاديمية مثابرة في محراب العلم.