كيف يمكن مواجهة المشكلات المصرية؟
من المؤكد أن المجتمع المصرى يواجه في اللحظة التاريخية الراهنة تحديات كبرى أبرزها على وجه الإطلاق المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتراكمة، والتي هي الميراث المرّ لعصور التخلف والفساد في العهود السياسية السابقة على ثورة 25 يناير.
هناك أولا مشكلات سياسية أهمها على الإطلاق كيف يمكن أن نبدع نمطًا جديدًا للديمقراطية يتجاوز سلبيات الديمقراطية النيابية التي تقوم على أساس انتخاب نواب يمثلون الأمة ولا يمثلون دوائرهم فقط، وخصوصًا بعد ما ثبت في كل الديمقراطيات المعاصرة أن هؤلاء النواب سواء كانوا أعضاء البرلمان الفرنسى أو أعضاء الكونجرس الأمريكى أو أعضاء مجلس النواب المصرى أنهم في الواقع لا يمثلون الأمة، وإنما يمثلون مصالحهم الخاصة حتى لو تناقضت مع مطالب الشعوب.
ومن هنا نشأ نمط جديد بازغ يطلق عليه "ديمقراطية المشاركة" يكفل التمثيل الصحيح للقوى الحية في المجتمع من نقابات مهنية وعمالية واتحادات الكتاب والمثقفين والأحزاب السياسية بعد أن تطور نفسها وتصبح أحزابًا سياسية تنموية لها رؤى تنموية محددة تستطيع من خلال نقد سياسات الدولة التنموية وتقديم سياسات بديلة، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدنى، بعد أن تطور نفسها وتصبح مؤسسات تنموية أساسًا.
ولدينا من جانب آخر مشكلات اقتصادية جسيمة ويكفى أن نعرف أن هناك –وفق جهاز التعبئة والإحصاء- 26 مليون مصرى تحت خط الفقر و18 مليون مواطن يسكنون في العشوائيات ونسبة مرتفعة للغاية للبطالة وخصوصًا بين الشباب.
وإذا أضفنا إلى ذلك العجز الدائم للموازنة والاعتماد على الاقتراض من الداخل أو الخارج لاكتشفنا أننا في حاجة إلى رؤية تنموية جديدة قادرة على المواجهة.
ولا ننسى أن لدينا كارثة التزايد السكانى الذي يضغط ضغطًا شديدًا على الموارد ويجعل الدولة عاجزة عن تقديم الخدمات الأساسية للجماهير العريضة في التعليم والصحة والإسكان والرعاية الاجتماعية.
ومن ناحية أخرى لدينا ظاهرة الانقسام الطبقى الحاد بين الذين يملكون والذين لا يملكون نتيجة نهب أراضي الدولة والفساد المعمم.
وأخيرًا لدينا تحديات ثقافية كبرى قد يكون أخطرها أن نسبة الأمية 26%، وأن انخفاض الوعى الاجتماعى سمح للتيارات المتطرفة أن تغزو عقول البسطاء.. ومن ثم نحن في حاجة إلى منهج علمى بصير لمواجهة كل هذه التحديات.