رئيس التحرير
عصام كامل

المسلم والإسلامي


قرأت مؤخرًا بحثًا قيمًا لكاتب مغربي هو الدكتور عبد الفتاح أفكوح عن مصطلح من المصطلحات التي انتشرت في أوطاننا منذ الربع الأول من القرن العشرين، وهو مصطلح "الإسلامي" و"الإسلاميون" و"الإسلامية".. وخارج نطاق البحث فإنني أود أن أشير إلى أن علماء المغرب العربي قفزوا قفزات واسعة في نقد مشروع الإسلام السياسي تفوقوا فيها على علماء مصر والشام، وبالذات في مصر التي بزغ فيها نجم شخصيات سطحية خاوية الوفاض، لا تحمل علمًا متعمقًا، ولا تسعى لخلق مشروع فكري يناهض مشروع الإسلام السياسي، ولنعد إلى بحث الدكتور المغربي عبد الفتاح أفكوح الذي قال فيه:


مسألة جد مهمة يجب أن ننتبه إليها، ويتعلق الأمر بضرب من الاشتقاق اللفظي استشرى أمره في القرن العشرين داخل البلاد العربية الإسلامية بوجه خاص، وهو اشتقاق غريب بالنظر إلى حمولته، ونحن نعتبره من قبيل الاشتقاق الاصطلاحي العشوائي، الذي لا تقوم أركانه على قاعدة دلالية سليمة، وقد سعى المتلبسون به إلى إقحام إفرازاته من المباني والمعاني الدخيلة، سواء عن جهل أم عن قصد، في منظومات الاشتقاقات الشرعية الخاصة بلفظ "الإسلام".

إننا نقرأ مثلا في كـثير من الكـتابات: الذات الإسلامية، والأديب، والمـؤرخ، والمفـكر الإسلامي، ثم نقرأ الإسلاميات، والأسلمـة، والإسلامولوجـيا، وغيرها من الألفاظ المثيرة للاستفهام عن أساسها وقاعدتها؟ وكذا الغاية من توظيفها؟ فما أن تعرض جميع هذه التسميات في مختلف المجالات: الأدبية، والفكرية والتاريخية.. على محـك النقد اللغوي والدلالي، حتى ينـكشف ويتضح توظيفها الشاذ في سياقات معينة، ومبلغ الخلل الذي تلحقه بمضمون هذه السياقات؛ فنحن لا نعثر في القرآن الكريم، ولا في الحديث النبوي الشريف على هذه "الألفاظ / المباني"؛ بل نجد الكلمات التالية: مسلما، ومسلمَيْن.

ثم إننا لا نعثر في المعاجم العربية القديمة على هذه الألفاظ، فهي مستحدثة باستثناء لفظتي: "الإسلامي" و"الإسلاميون"، التي عرف توظيفها مع على بن إسماعيل بن إسحاق، أبي الحسن الأشعري، وابن تيمية المتوفى والجاحظ وابن خلدون ولكن تم توظيفهما قديما في سياقات مختلفة، خاصة في مجالات الأدب، وعلم الكلام، والفلسفة.

فلفظ "الإسلاميين" استعمل في مجال الأدب، مثلا، نقيضًا للفظ "الجاهليين"، وذلك للتمييز بين من عاشوا في الإسلام ولم يدركوا الجاهلية، ومن عاشوا في الجاهلية ولم يدركوا الإسلام، أما في العصر الحديث، فقد صار، في عرف طائفة من الناس، كل من اللفظين التاليين: "الإسلامي" و"الإسلاميون" صفتان للمسلم وللجماعة المسلمة التي تؤمن بمشروع سياسي قائم على أساس الإسلام، وإذا كانت كلمتا: "المسلم" و"المسلمون" وصفا إلهيا، فإن لفظتي: "الإسلامي" و"الإسلاميون" وصف وضعي بشري، ولذلك فإنه وفقًا للقرآن والحديث فإن الكاتب، والأديب، والإنسان، والمجتمع لهم صفة "المسلم"، وليس الإسلامي.. انتهى ما اقتبسناه من الكاتب المغربي أفكوح، ولنا عودة.
الجريدة الرسمية