رئيس التحرير
عصام كامل

قوة العقل


لا شك أنَّ الإنسان يعيش وسط البيئات المُختلِفة، وتنوعُها يثيرُ أفكارَه ، ويُنبِت فِى عقلِه آلاف التساؤلات، ويشغَلُ قلبَه آلاف المواءمات ما بين أُطروحَة تُغير مِن ملامِحِه هوَ ذاتُه، ومَن يعول إما على طريق يؤدِى لِـخير أو يهوَى بِه إلى ما لا يُحمَدُ عُقباه.


ولا شَك أنَّ العاقِل عليهِ أعباء فـهوَ أُمَّة فِى الفِكر، والكلِمَة لهُ بل الحرفُ لهُ أثر، لِذا حياتُه التي يعتنِقُ فيها الفِكر ليست كبقية الحياوات فـهو غائر فِى المفاهيم، يستنبِطُ ما يُعطِى ملامِح أجمل لحياة سائِلة بِالنصيحة فهو لا يقلُ أبدًا عَن دكتور العائلة الذِى لَهُ مِنك السبق، حين تطمئنُ إليه كـأمين يدخُل دارك ويشفِى أسقامَك، كأحد الأسباب التِى أمرنا المولَى الأخذُ بِها مع الدُعاء في المقام الأول.

وصاحِبُ الفِكر أعلم أنَّهُ بِـلا شك ولا مُنازِع يَملُك العقل، حيثُ الرأي والرأي الآخر، لهُ فِكر لا يميل فـهو كما الشجرة المُثمِرَة تأكُل مِن ثَمرِها وتستظِلُ بِــظلِها، حيثُ يُدرِك الأمور ولهُ مِن التوضيح والتحليل ما يُثلِج الصدور ويبعث الطمأنينَة فِى عين مُستشارِه.

هوَ يتلَمح النظرات لا تفوتُه كما المُحلِل النفسِى يتعرف على الشخصية، قوي فِى تأمُلاتِه، ولا شك أنَّ البشرية فيهِ بِـمكان لكِن يُدرِكها فـهو عود عقله على ألا تفوتُهُ الكلِمة والفكرَة والنَسمَة حتَى مِن الهواء لا يرقُبُه إلا ذو لُب، حيثُ يستوحِى مِنهُ ملامِح البشرية التِى تُعَمر الكون، وهُنا تلتقِى العقولُ والأفكار، حيثُ يوجَد فكر آخر يعمل على تخريب القواعِد، فـلا تتعجب فــهو فِكر أيضا كما أشرنا فِى بداية الكلام، ولكِنه مُفسِد وفاسِد كما الشجرة الخبيثة التِى لا نفع مِنها ولا هِيَ طبيبَة.

هيهات هيهات بينَ الفكرين فِكرُ يُجدِى ويبعث الحياة وآخر يودِى بِنا جميعًا إلى الخراب لو لم نتخِذ إجراءاتِ الإصلاح والتبيان، وترابُط الزمان وأفعال الأنام، وما يحويِهِ المكان كَي نُصلِح ما تبقَى مِن قيمة الإنسان، ونُعلِن للإنسانية أنَّ التمام فِى الأخلاق عِلم يُتَبَع مِن فِطرة الرحمن، ومِن ثَمَّ تتلوه الأفكار والتصالُح فِى الاعتراف بِما مَضَى مِن أخطاء ومُستقبل آت.

لا نُنكِر ما تملؤهُ الأركان والأرجاء مِن عَبث الفِكر وتخَبُط الرأي وضيق الحَد، حيثُ تَجِدُك حائرًا لا تعرِف أي الطريق فيهِ خير، هُنا تجِدُ ما عرَّفناهُ مِن فِكر سليم وعقل فطين يحتوِى هذا الوقت ويكون لهُ السَبق فـيهتدِى إلى أقرب الهُدَى فِى صَمت، ويترُك مجالًا لِـلغيب والفِكر مع الوقت، فيتبين لهُ ملامِح ما قد غاب وتنكشِفُ الغُمة وما حوت مِن ضلال، وهذا هو ثمرة الفِكر والتزام القواعِد فِى سلمية وتسلسُل، كما التجرُبَة فِى مُعطيات ومُخرجات أنت تعلمُ مُسبَقًا قدرًا واسِعًا مِن صلاح البيئات نتيجة التفاعُلات.

ولا ريب أنَّ صاحِب العقل عليهِ الصبر وهو مُر، وسط كثير مِن الأموار الشاقة والواقِع الصعب، وتحليهِ بِـالصبر عليهِ أن يُحاول أو يتظاهر بِه، فـهو ملاذ آمِن لهُ قبل كلِمه أو فِعله، بل عليه بقدر الإمكان قول ما لا يُغضِب وهذا قاسِ، ولكِن بعد مرور العاصِفة واسترجاع الكلام سيُعلَم مِنها المُباح وما كان يجب ألا يُذاع.
الجريدة الرسمية