رئيس التحرير
عصام كامل

الحرائق مدمرة والحكومة نائمة


لا تبادر حكومة المهندس شريف إسماعيل إلى فعل شيء من تلقاء نفسها، ولا تقدم على حل مشكلة إلا بأمر من الرئيس السيسي، وكنا تأملنا خيرا بتحرك إسماعيل ومغادرته مكتبه لتفقد مواقع الحرائق في منطقتي الرويعي والغورية، وقلنا ربما تكون بداية العمل على أرض الواقع مثلما كان المهندس إبراهيم محلب دائم التواجد في الشارع بين الشعب، لكن انتهت الزيارة التفقدية لرئيس الحكومة إلى لا شيء، وعاد أدراجه إلى تكييف مكتبه يتابع أنباء الحرائق التي تلتهم المحال التجارية والمصانع والبيوت الآمنة والمحاصيل الزراعية وحتى الباصات والمباني الحكومية والمدارس والقطارات وهلم جر، دون أن يحرك ساكنا أو يتخذ قرارا أو حتى يصدر بيانا أو يشكل لجنة وكأن الأمر يحدث في دولة أخرى!!


واضح تماما من حديث الرئيس بالأمس أنه أدرك إهمال الحكومة في هذا الموضوع على وجه التحديد، فأمر "بسرعة حصر متضرري حريق الرويعي ومنحهم تعويضات مناسبة قبل شهر رمضان".. لكن هل التعويضات تكفي في ظل ما تشهده مصر من حرائق في جميع المحافظات؟!

كان حري بالحكومة أن تنتبه منذ حريق الرويعي المدمر وخسائره البشرية والمادية وتزامنه مع حوادث إرهابية منها جريمة حلوان النكراء، إلى أن بصمات جماعة الإخوان الإرهابية ومن يؤيدها واضحة، خصوصا أنهم اعترفوا عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وأبدوا الفرحة والشماتة وقالوا "إما نحكمكم أو نحرقكم"، أو مثلما كتبت المدعوة آيات عرابي "أن مظاهر سورية والعراق وليبيا ستنتقل إلى مصر بالحرائق"، فضلا عن أن أول أنباء الحرائق والخسائر تنشرها المواقع التابعة للإخوان تماما، كما تنشر تفاصيل العمليات الإرهابية والتفجيرات ما يؤكد أنها على علم مسبق بها، وأن الجماعة الإرهابية تقف وراءها جميعا.

هذا الأمر يحيلنا إلى ضرورة الإسراع بإصدار أحكام ناجزة على قيادات الجماعة الإرهابية والمنتمين لها، وكذلك المنتمين لحركات محظورة مثل "6 أبريل" القابعين في السجون، وتنفق الدولة على معيشتهم وطبابتهم الكثير، في وقت يخططون لحرق البلد وإرهاب الشعب وإشاعة الفوضى. وإذا كان القضاء العادي يستغرق سنوات، فعلى الحكومة إحالتهم جميعا إلى قضاء عسكرى أو تكليف دوائر معينة بنظر هذه القضايا لضمان سرعة الفصل والتنفيذ.

بعض "الإخوان" عندما وجدوا أن الشعب على قناعة تامة بأنهم يقفون وراء الحرائق مثلما حرقوا القاهرة في الماضي، فإذا بهم يضعون سيناريوهات غريبة، حيث اتهموا الحكومة بإشعال الحرائق لإلهاء الشعب عن أزمة الداخلية ونقابة الصحفيين وأزمة "تيران وصنافير" وإشغاله في أزمة الحرائق وأسبابها، والبعض الآخر قال "إن الحكومة تشعل الحرائق حتى تخلي المناطق المتضررة وتبني مكانها أبراجا سكنية أو تبيع الأرض لمستثمرين خليجيين بأسعار باهظة".. وهؤلاء نسوا أن الحرائق تعم جميع المحافظات وكل شيء تقريبا فهل ستبيع الحكومة الأرض بما عليها؟!

بعيدا عن "إخوان الشياطين" كشفت الحرائق عن عجز حكومة شريف إسماعيل عن التعامل مع الحدث، وفقدانها القدرة على المواجهة وإيجاد الحلول المناسبة فضلا عن غياب الخطط التنبؤية لما قد يحدث من جرائم مشابهة، والنتيجة الإبلاغ عن أكثر من 100 حريق تتعامل معها الحماية المدنية وانتهى الأمر، لكن ما خطط الحكومة لمواجهة الأمر وحصر الأضرار ومنع تكرار الحرائق؟!..لا أحد يعرف حتى الآن..

وهذا في حد ذاته يعطي إشارات سلبية كثيرة عن مصر بأنه لا أمان فيها، فيخشى المستثمر على أمواله ويحجم عن العمل في مصر، أو حتى يفكر في نقل مشاريعه القائمة إلى بلد آخر، وهذا ما يريده "الإخوان" وأعداء البلد، كما يجعل السياح يفكرون مرات ومرات قبل زيارة مصر خوفا على أنفسهم، وهذا أيضا ما يسعى إليه المتآمرين.

على الحكومة النائمة أن تفيق وتسرع إلى قطع الطريق على الشائعات بالقبض على المتسبب في الحرائق، لأن كل شيء فيها يوحي بأنها متعمدة وبفعل فاعل. كما عليها إلزام أصحاب المحال والمصانع باتباع اشتراطات الأمن والحماية من الحرائق، لأن ما حدث ينم عن إهمال جسيم من الجميع، ثم لابد من وجود خطط واضحة لمواجهة المخاطر البيئية والحوادث، فالقادر على مواجهة الأخطار يستطيع جذب الاستثمار.

الجريدة الرسمية