رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد صبحى منصور.. للإلحاد وجوه كثيرة "3"


إذا وقفنا على حكم مَن أنكر وجوب العمل بالسُنة، نجد إجماع العلماء بأنه كافر مرتد، لإنكاره معلومًا من الدين بالضرورة، يقول الإمام السيوطى فى كتابه ‏"مفتاح الجنة فى الاحتجاج بالسنة": "فاعلموا -رحمكم الله- أن مَن أنكر كونَ حديث النبى -صلى الله عليه ‏وسلم- قولًا كان أو فعلًا بشرطه المعروف فى الأصول حجةً، كفر وخرج عن دائرة ‏الإسلام، وحُشر مع اليهود والنصارى أو مع مَن شاء من فرق الكفرة".


ومن أعظم ما احتجّ به الأئمة على بطلان هذا المذهب وفساده، ما أخرجه البيهقى بسنده ‏عن شعيب بن أبى فضالة المكى، أن عمران بن حصين -رضى الله عنه- ذكر الشفاعة، فقال ‏رجل من القوم: يا أبا نجيد إنكم تحدثوننا بأحاديث لم نجد لها أصلًا فى القرآن، فغضب ‏عمران، رضى الله عنه، وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: فهل وجدت فيه صلاة العشاء أربعًا، ووجدت المغرب ثلاثًا، والغداة ركعتين، والظهر أربعًا، والعصر أربعًا، قال: ‏لا. قال: فعمن أخذتم ذلك؟ أخذتموه وأخذناه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم. ثم ‏ذكر أشياء فى أنصبة الزكاة، وتفاصيل الحج وغيرهما، وختم بقوله: أما سمعتم الله قال فى ‏كتابه: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" الحشر: 7، وقال عمران: فقد أخذنا عن ‏رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أشياء ليس لكم بها علم".

فالحرام ما حرّمه الله فى كتابه، أو حرّمه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى سنّته، كما أن الواجب ما أوجبه الله أو أوجبه رسوله، صلى الله عليه وسلم، ومن زعم الاكتفاء بالقرآن الكريم والاستغناء به عن السنة، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان فى زعمه للإسلام واكتفائه بالقرآن كاذبًا، ودليل ذلك أن السنة شارحة للقرآن مبينة له، وقد تأتى منشئة للأحكام، لأنها وحى من الله تعالى إلى رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى" النجم: 3، 4، وقال تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" الحشر: 7.

ومَن زعم الاكتفاء بالقرآن لم يمكنه أداء الصلاة ولا إخراج الزكاة ولا الحج ولا كثير من العبادات، التى ورد تفصيلها فى السنة، فأين يجد المسلم فى القرآن أن صلاة الصبح ركعتان، وأن الظهر والعصر والعشاء أربع، والمغرب ثلاث؟

وهل يجد فى القرآن كيفية أداء هذه الصلوات، وبيان مواقيتها؟

وهل يجد فى القرآن أنصبة الذهب والفضة وبهيمة الأنعام والخارج من الأرض، وهل يجد بيان القدر الواجب إخراجه فى ذلك؟

وهل يجد المسلم فى القرآن كفارة الجماع فى نهار رمضان، أو حكم صدقة الفطر والقدر الواجب فيها؟

وهل يجد المسلم تفاصيل أحكام الحج من الطواف سبعًا وصفته وصفة السعى، ورمى الجمار والمبيت بمنى؟.. إلى غير ذلك من أحكام الحج.

فالسنة النبوية الشريفة.. مصدر من مصادر هذا الدين، سواء للتشريع أو للتوجيه، والذين ينكرون السنة، هؤلاء فى الحقيقة لا منطق لهم، إذ كيف تستطيع أن تفهم القرآن من دون السنة؟ والرسول صلى الله عليه وسلم، عاش حياته يترجم عن الإسلام العملى، وحياته، صلى الله عليه وسلم، هى حياة تفصيلية للإسلام، ومنهجه منهج الشمول والتكامل والتوازن، ومَن ينكر السنة مثل "القرآنيين" وزعيمهم أحمد صبحى منصور، إنما ينكر القرآن نفسه.. ونكمل غدًا.
من كتابى "ضد الإسلام".. الطبعة الثانية.

الجريدة الرسمية