رئيس التحرير
عصام كامل

جماعة الإخوان وجماعة مبارك.. يحرقون مصر !


قد يظن البعض أننى أستهدف الحرائق التي تشهدها مصر تلك الأيام واحتار الجميع حول أسبابها، فالحكومة تتهم الجماعة الإرهابية وأنصارها بتنفيذ مخطط منظم لحرق مصر، والجماعة الإرهابية وأنصارها يتهمون الحكومة بالقيام بهذه العمليات لإلهاء الجماهير عن فشلها في تحقيق مطالبهم المشروعة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبالطبع إذا كان الطرح الأول جائز ومنطقى إلى حد كبير، فإن الطرح الثانى أبعد ما يكون عن المنطق والعقل، خاصة أن الحرائق تستهدف المواطنون البسطاء وممتلكاتهم وليس من صالح الحكومة أن تقوم بمثــل هذا النوع من الحرائق التي تزيد من معاناة المواطن، وبالتالى يزيد سخطها عليه..


وعلى كل الأحوال فإن ما استهدفه هنا ليست تلك الحرائق الغريبة والعجيبة والمتعددة والمتكررة التي حدثت خلال الأيام الماضية وعجزت أجهزة الدولة عن تقديم تفسير لها أو القبض على مرتكبيها حتى، ولو كانوا عناصر من الجماعة الإرهابية، وهو ما يعنى أن هناك فشلا حقيقيا في التصدى لإرهاب الجماعة الأكثر تنظيمًا رغم كل ما تتعرض له من مواجهات عبر أكثر من ثمانية عقود كاملة.

لكن ما أقصده بأن جماعة الإخوان وجماعة مبارك يحرقون مصر فهو شيء مختلف، فالصراع على السلطة بين الجماعتين هو ما يحرق مصر وشعبها، فحين قامت ثورة 25 يناير على جماعة مبارك التي جرفت كل شيء على أرض المحروسة، كان الغالبية العظمى من المصريين التي أفقرتهم سياسات مبارك وجماعته ينتظرون تغيير أوضاعهم المعيشية وكان هدفهم واضحا أشد الوضوح وتبلور في شعار من ثلاثة مقاطع هو "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، وهى ترجمة لمعاناة استمرت لثلاثة عقود كاملة، وبالفعل نجح المصريــون بالإطاحة بمبــارك وجماعته من المشهد السياسي وظــن أغلبهــم أن أحلامهم قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التحقق..

لكن خاب ظنهم بصعود جماعة الإخوان لسدة الحكم ومحاولاتهم أخونة الدولة وإحلال جماعتهم محل جماعة مبارك واتباع نفس السياسات التي أفقرت المواطن ورفعت من نسبة معاناته، وفى هذه الأثناء بذلت جماعة مبارك جهودًا مضنية لإعاقة جماعة الإخوان وفي هذا الإطار لم تنظر إلى مصر بل سعت لحرقها من أجل الإطاحة بجماعة الإخوان والعودة مرة أخرى لسدة الحكم.

وبالفعل نجح مخطط جماعة مبارك في إحراق مصر، وهو ما عجل إلى جانب فشل الجماعة الإرهابية في خروج الشعب المصرى ثائرا عليهم في 30 يونيو رافعا نفس الشعار -الحلم– العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وتمكن من الإطاحة بهم من سدة الحكم، وعاد ينتظر وقد ظن للمرة الثانية أن أحلامه قد أصبحت قيد التحقيق لكن وللمرة الثانية يخيب ظنه، حيث عادت جماعة مبارك لتسيطر من جديد على المشهد السياسي والاقتصادى والاجتماعى وتعيد إنتاج نفس سياساتها القديمة التي أفقرت الغالبية العظمى من المصريين..

وبالطبع لم تترك جماعة الإخوان رغم ما تتعرض له من محاصرة وتضييق المسرح بل تقوم بإشعال الحرائق في مصر عبر ممارسة العنف والتطرف والإرهاب الذي هو أحد المكونات الرئيسية لفكر الجماعة تاريخيا ويساعدها في إشعال الحرائق قدرتها التنظيمية العالية وإمكانيتها المادية وعدم مركزية التنظيم وامتداده الدولى العابر للحدود والدول والقارات.

وبالطبع في ظل هذا الصراع على السلطة بين جماعة الإخوان وجماعة مبارك تحترق مصر ويدفع شعبها ثمنا فادحًا لهذه الحرائق، لذلك لا يجد الشعب المصرى أمامه من بديل لإطفاء هذه النيران وتخليصه من هذا الصراع غير الجيش المصرى، وعندما طالب الشعب قائد الجيش عبد الفتاح السيسي بالترشح لرئاسة الجمهورية كان هدفه الأساسي هو التخلص من جماعة الإخوان وجماعة مبارك معًا والتأسيس لنظام جديد يسعى لتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية منحازة للفقراء والكادحين بعيدة كل البعد عن سياسات جماعة مبارك وجماعة الإخوان تلك السياسات التي تزيد من إشعال النيران داخل المجتمع المصرى..

فهل وصلت الرسالة للرئيس السيسي؟ الذي ينتظر منه الشعب إطفاء الحرائق المشتعلة والتي لا يمكن أن تتم إلا بالإطاحة بجماعة الإخوان وجماعة مبارك من المشهد برمته، لأنهما وجهان لعملة واحدة لا يؤدي استعمالها إلا إلى مزيد من الحرائق.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية