قانون الصحافة الجديد..إعلان انتهاء الأزمة !
بلا مبالغة ورغم أعنف أزمة مرت على الصحفيين إلا أننا يمكننا القول إن أحلام الصحفيين تحققت أخيرا في القانون الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء أمس.. القانون صفعة للمتربصين بحرية الصحافة..تبخرت أحلامهم في صحافة محاصرة مقيدة مشلولة لا تؤدي دورها في الرقابة على أداء مؤسسات المجتمع..ذهبت أوهام من دبر ومن خطط ومن أدار الأزمة من بعيد مع الريح؛ فقد انحازت الحكومة ورئيس البلاد إلى بناء دولة المستقبل، لم يختلط الحابل بالنابل لديهم، ولم يتصيدوا للمهنة العظيمة اعتمادا على تعبئة شعبية مضادة لم يسبق لها مثيل، وخيبوا ظنون كل من توهم أن الأمر مدبر، وأننا ذاهبون لا محالة إلى عصور مظلمة لا حرية فيها ولا أحرار!
فما أن أعلن مجلس الوزراء قرار الإحالة للبرلمان ثم تسربت أبرز مواد القانون حتى أعلن القانون كله، وفجأة وجد الصحفيون كل المواد واالنصوص التي طالبوا بها، وبعضها معلق منذ سنوات طويلة..اليوم انتهى فصل الصحفي تعسفيا وتحققت حصانته النسبية وحصانة مسكنه ومقر عمله وبات حقه في المعلومات إلزاميا- لكن يجب النص علي عقوبة للمخالف من المسئولين- واستقر حقه في الحفاظ على سرية مصادره، واستمر حق نقابة الصحفيين في التمثيل والاشتراك والشراكة في إعداد أي قانون يمس المهنة، وتجددت حصانة الصحف ضد المصادرة أو إلغاء تراخيصها، وتجدد نص القانون على أن الصحفيين والإعلاميين مستقلون ولا سلطان عليهم في أداء عملهم إلا القانون، وأنه لا يجوز أن يكون الرأى الصادر عن الصحفى أو الإعلامي أو المعلومات التي ينشرها أو يبثها سببا للمساس بأمنه، وألغي الحبس في قضايا النشر، كما حصلت الصحف القومية على مزيد من الحرية، وتم النص على كونها منابر لحرية الرأي ولا تتبع السلطة التنفيذية !
هذه ملامح قانون يصدر بعد أزمة كبري ومهولة.. فماذا يمكن أن يحصل الصحفيون إذن لو لم تكن هناك أزمة؟ الإجابة: الدولة انحازت للمستقبل، وصححت أوضاع سنوات طويلة، وفرقت بين دور مهم لمهنة وبين أزمة عابرة واعصاب مشدودة فائرة، ومطالب متناثرة.. بين فاسدين ولصوص ومهملين وفشلة يستحقون صحافة تطاردهم وتفضحهم دون أن يطلق القانون يد الصحافة في أذي الأبرياء وإطلاق أقلامهم في التربص بالخصوصيات، وتتبع عورات الناس، وأعراضهم، وحددت ضوابط وعواقب ذلك، وأهمها كل ما يخص أمن البلاد وهو يستحق..
باختصار ووفقا لفهمنا فالقانون- وفي حال مروره من البرلمان- تقدمه الحكومة لتنهي الأزمة مع الصحفيين بطريقتها، ولو كنت نقيب الصحفيين لعقدت اليوم مؤتمرا صحفيا يرحب بالقانون وبمواده وبطريقة إصداره، وأعلن فيه تحقق أحلام الصحفيين في قانون محترم ومتحضر، وامسك بطرف الخيط المقدم من الدولة، وأعلن بعد التشاور العاجل جدا مع المجلس وحكماء وشيوخ المهنة وشباب الصحفيين انتهاء الأزمة مع الحكومة !
المتربصون بالأزمة كثيرون..وكثيرون أيضا يريدون لها الاستمرار.. فبقاء نيرانها مستعرة يمنحهم قبلات الحياة، وبطبيعة الحال فإننا ننحاز للمهنة..لأنها مهنة المستضعفين والبسطاء والمظلومين والشرفاء في كل مكان، أو هكذا ينبغي، وحتى لو أساء لها البعض فليس كل أبناء المهنة أساءوا.. وحتى إن أساء الجميع، فالمستقبل ملك أبنائه ومصر المستقبل تستحق صحافة حرة ،وبالقانون الجديد نطمئن على المهنة ونطمئن على المستقبل..