رئيس التحرير
عصام كامل

صراع المعارضة والحكومة لـ«إسقاط النظام»!


النظام والمعارضة كل منهما يضيق ذرعا بالآخر، ويتحين الفرصة المناسبة للقضاء عليه، وحل محله.. تتساوى في ذلك الأنظمة الراسخة في الديمقراطية، والأنظمة القمعية الشمولية، إلا أنها تبدو أقل حدة في الأولى، وأكثر شراسة في الثانية.


تتمدد المعارضة، وينشط دورها، ويزداد تأثيرها، عندما تسوء الأحوال الاقتصادية، وتنكمش، وتكاد أن تتلاشى بزيادة دخول المواطنين، بما ينعكس، إيجابًا، على أحوالهم المعيشية.. هذه حقيقة لا يمكن التعامي عنها.

المعارضة القوية تؤرق الأنظمة، وكلما زاد انتهاك القوانين، وخرق الدستور، وساءت الأحوال السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، فإن المعارضة تستغل كل ذلك لصالحها، وتسعى لزيادة الرقعة التي تسيطر عليها.

السؤال: هل النظام يساعد المعارضة؟ نعم.. لكن بطريقة غير مباشرة، وبما يهدد عرشها!.

فمثلا.. بعد «إشادة» الرئيس السيسي بـ«غيرة الشباب» على «ترابهم الوطني»، عقب اتفاقية «تعيين الحدود البحرية» بين مصر والسعودية، يتم الحكم على متظاهري «جمعة الأرض عرض» في أقل من 20 يومًا.. لا لشيء إلا لأنهم لم يحصلوا على إذن بالتظاهر لرفض التفريط في «تيران وصنافير»!

مَنْ الذي فعل ذلك، المعارضة أم النظام؟ وبأي منهج سنغرس في نفوس مجندينا الانتماء والوطنية، وبأي منطق سنطالب الأجيال القادمة بالدفاع عن الأرض، وهم يرون زملاءهم في السجون بتهمة الدفاع عن «قطعتي أرض»؟!

وفي بلد يعاني أحوالا اقتصادية متدهورة، وارتفع رصيد «الدين الخارجي» بنهاية 2015 إلى «بليوني دولار»، وبلغ إجمالي رصيد الدين العام نحو «16.2 تريليون جنيه»، بحسب البنك المركزي.. يتم منح القضاة «6500 جنيه» بمناسبة «شهر شعبان»، بينما تم منح الفقراء «3 جنيهات» فقط.. مَنْ الذي فعل ذلك، المعارضة أم النظام؟!

ما شعور المواطنين الفقراء، ومعدومي الدخل- وما أكثرهم- وهم يطالعون خبرًا استفزازيًا مثل هذا، في الوقت الذي ارتفعت فيه سلعة واحدة فقط «الأرز» أكثر من «3 جنيهات»، وباتت جميع أسعار السلع والمنتجات الغذائية «خارج السيطرة»!

وكيف يثق المواطن البسيط في «النظام» وهو يرى الحكومة تستنفر كافة أجهزتها؛ لإزالة منزل مخالف لمواطن «فقير»، بينما يراها تتردد ألف مرة، وتخشى الاقتراب من «قصور الكبار»، التي شيدوها على أرض الدولة، بعد حصولهم عليها بوضع اليد؟!

أي استفزاز هذا؟ وكيف يصدق المواطن النظام الذي يتشدق بأنه يسعى لترسيخ «دولة القانون»، وتطبيقه على الجميع؟

وبينما يطبق النظام القانون بكل غلظة على «الغارمين والغارمات» كانوا يرومون إلى ستر عوارت بناتهم، نرى الحكومة تتفنن في سن تشريعات للتصالح مع كبار اللصوص وناهبي أقوات الشعب.. هنا نتساءل مَنْ يفعل ذلك، المعارضة أم النظام؟

ثم مَنْ الذي يهيج الشعب على النظام، الرئيس الذي أكد أن إيرادات قناة السويس «زادت»، أم إدارة التخطيط في هيئة القناة، التي أكدت أن الإيرادات «انخفضت» في 2015 بنحو 290 مليون دولار، أم المعارضة التي تستغل هذا التضارب الحكومي في الأرقام؟!

إذن هل من وسيلة للقضاء على المعارضة، أو تخفيف حدتها، كأضعف الإيمان؟

طبعًا.. فتنفيذ «القانون» على الجميع، دون استثناء، وتحقيق «العدالة الاجتماعية»، وإصدار قانون حرية تداول المعلومات، بالإضافة إلى الصراحة، والمكاشفة، والشفافية في كل الأزمات والقضايا، والمشروعات التي يتم تنفيذها، كلها أمور تقطع الطريق على المعارضين «المغرضين»، الذين يستغلون «أخطاء» المسؤولين، و«سقطاتهم»؛ لـ«تشويه النظام»!

والأهم من ذلك كله العمل في مسارين متوازيين مشروعات «احتوائية» قصيرة المدى، لتخفيف العبء على ملايين المصريين الذين أنهكتهم الأزمات اليومية.. بالإضافة إلى المشروعات «التنموية المستدامة» طويلة المدى.. وفيما عدا ذلك فإن المشروعات التي يتم إنجازها على أرض الواقع، ستسخدمها المعارضة لصالحها، ولن تشفع للنظام، طالما لم تترجم إلى استفادة مباشرة تنعكس على حالة المواطن البسيط.
الجريدة الرسمية