رئيس التحرير
عصام كامل

الضمير


هو ما يضمره الإنسان و يخفيه إلا إنه يمثل المبادئ والقيم التى تراقب السلوك و تقيد تنفيذ الفعل و تمنع ما يخالفها و تسمح بما يوافقها انها الرقابة الذاتية التى تضع المعايير لقياس التصرفات و الحكم عليها و هى التى تجازى النفس بالقبول والاستحسان وتعطيها الشعور بالهدوء النفسى و تعاقبها بالنفور و الانشقاق وعندئذ تصبح النفس فى صراع لا ينطفئ بين الخير والشر ولا ينقضى حتى ولو أغمض الإنسان عينيه إلا أن شيئًا ما يظل يقلقه .. إنه الضمير.


من كثرة ما نرى من انحدار الأخلاق و انهيار القيم التى تربينا علينا جعلتنا نعيش وكأننا وسط غابه سيأكل منها القوى الضعيف يوما ما و لا وجود إلا لمن يطوع أخلاقه و قيمه ليجارى الواقع بسلبياته وتنازل عن مبادئه من أجل تحقيق المصالح.

إن ما يحيط بنا الآن هو نتاج عمر طويل من إهمال زراعة الضمير فى الماضى واستبداله بزراعة الأنانية والمصالح فى نفوس الأطفال والتى ساهمت بقدر كبير في إفساد الحياة فى المجتمعات وجعلتنا نعيش الآن غرباء.

هل أصبحت المعاملات بين الناس مرهونه بالخيانه حتى تلاشى حسن الظن و بقى سوء الظن هو أساس كل المعاملات و أصبح توقع الشر قبل الخير دائما هو المحدد و ما يتبعه من تجهيز الدفاعات أو الاستعداد للهجوم لتكون دائما العينان مترقبتين لوقوع الخيانة والإيذاء.

لقد ساهمت الظروف التى تحيط بنا فى تشويه أنفسنا وتعكير المياه الهادئه بداخلنا و سببت لنا مشكلات نفسيه لا تقف عند حدود المرض النفسى الكامن بقدر ما تخطت هذا لتمتد إلى تشويه آخرين ليس لهم ذنب اقترفوه إلا أنهم جمعتهم علاقه أيا ما كانت بشخص لا يحكمه ضمير.

يخرج الفرد من كل تعاملاته السلبية بخبرات كثيره تترك له الأثر السيئ والتى تهدر القوى و تنتقل هذه السلبية للآخرين دون إراده حتى يسرى سوء الظن على الجميع و يصبح وقوع الخيانه الحقيقه واقعا ملموسا فكما توقعنا فى الناس سيفعلون .. إذا خاطبنا وأطرقنا باب النصف الخير منا رد علينا و خاطبنا الجزء الخير.

إن المسئولية كبيرة، فهي مسئولية تنشئة جيل لديه من الضمير ما يجعله يجد مستقبلا مجتمعا يملك ضميرا ومبادئ لأن يواجه ما نواجهه الآن من انهيار الضمائر التى أفسدت علينا حياتنا.
الجريدة الرسمية