فتحي رضوان يكتب: لماذا جلت بريطانيا عن فلسطين
في مجلة «الإذاعة» مايو عام 1956، كتب فتحى رضوان مقالا تحت عنوان «لماذا جلت بريطانيا عن فلسطين فى 15 مايو 1948» قال فيه:
لماذا تركت بريطانيا هذا الموقع الإستراتيجى الهام فجأة وقد بلغت العصابات الصهيونية مستوى عال من التدريب والتسليح، في حين كان الشعب الفلسطينى صاحب الأرض الأصيل وصاحب الحق أعزل من السلاح.
والرد على هذا السؤال يفسر لنا كل ما يحدث الآن في إسرائيل والأردن والعراق وغيرها، وجلت القوات البريطانية في هذا التاريخ بالذات لسبب واحد قد تتفرع عنه أسباب، فلم تحل لأنها عجزت عن ضبط الأمن هناك، ولأن حملات العصابات الصهيونية هزت أعصاب ضباط وجنود الأمبراطورية، ولأن القيادة أعلنت إفلاسها وعجزها عن التحكم في هذا الموقع.
إن بريطانيا وجنودها تعرضت قبل ذلك وبعد ذلك لحملات أشد عنفا مما قاست منه في فلسطين فها هي في قبرص تخوض حربا هزت الإنسانية والضمير العالمي.
لقد حاولت بريطانيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية أن تنتزع من مصر معاهدة تحل محل معاهدة 36 بعدما تسببت هذه المعاهدة أعمال قاسى منها الشعب المصري، فحين جاء اللورد ستانسجت في عهد وزارة إسماعيل صدقي وعرض مشروعا قطع فيه الإنجليز على أنفسهم عهدا بأنهم سيجلون قبل سنة 1949 عن مصر برا وبحرا وجوا مقابل اشتراك مصر مع بريطانيا في منظمة الدفاع المشترك عن الشرق الأوسط.
ثار الرأى العام المصري وحطم هذه المحاولة وسقطت وزارة إسماعيل وحلت محلها وزارة النقراشي، وفي نفس الوقت حاولت بريطانيا استبدال المعاهدة القائمة مع العراق بمعاهدة أخرى «بورتسموث» وثار الرأي العام العراقي وثبت لبريطانيا أن العزم العربي أصبح أقوى من أن يخضعها حديدا أو نارا وأن اللف والدوران لا يحقق لها خيرا.
جلت بريطانيا عن فلسطين لتنطلق الصهيونية تقتل العرب العزل وقامت إسرائيل لتكون دولة يحميها القانون الدولي.