رسالة.. مهرجان (كان)
ثورة تكنولوجية ضخمة أحدثها القائمون على مهرجان كان السينمائي قبل افتتاح دورته التاسعة والستين على مستوى التكنولوجيا الرقمية التي أجري لها تجديد شامل لتنطلق كمنصة مبتكرة وجذابة مصممة بشكل خاص للسماح بالوصول إلى محتوى الوسائط المتعددة، على جميع أنواع الشاشات، بحيث تتضمن خمسة مواقع وتطبيقات للهاتف المتحرك، مع تقديم تجربة الوجود في قلب كل طبعة، تم غرسها خلال سبعين عامًا من تاريخ المهرجان.
والثورة الرقمية التي استغلها مهرجان كان جعلت المتابع لا يحتاج إلى السفر إلى هناك إلا لمشاهدة الأفلام التي ستتاح بالطبع بعد أيام قليلة من الحدث في دور العرض وعلى المواقع، فأنت في قلب الحدث رغم بعدك آلاف الكيلومترات عن شاطئ نيس الفرنسي القريب من كان، وبإمكانك أن تشاهد نجوم العالم لحظة بلحظة على قناة بلس الفرنسية والتي لها بث مباشر عبر الموقع، سوف تشعر أنك بينهم وتكاد تصافحهم وتلمسهم بيديك بفضل تكنولوجيا التصوير والبث الذي يتضمن اللقطات المكبرة والمتوسطة، كما ستتابع الندوات وترى تفاعل النجوم والسينمائيين مع الأسئلة وكأنك داخل قاعة "Grand Théâtre Lumière"، فهناك تفاعلية كاملة سواء للصحفي أو الهاوي للسينما، ولأني من غير المحظوظين الذين أتيح لهم السفر لتغطية هذه الدورة فقد نجحت هذه الثورة التكنولوجية في تعويضي حيث صرت مشدوهًا أمام هذه المنصة أشاهد وأنقل وأترجم وأنقل الصور، ولم يكن ينقصني كمتخصص في النقد السينمائي فعلاً سوى متابعة الأفلام والكتابة عنها.
هناك بالفعل ثروة هائلة من المواد، والمقابلات والصور، بالإضافة إلى الصوت وتسجيلات الفيديو، كما أن هناك وظائف أخرى للزوار، مثل إعادة اكتشاف كنوز أرشيف مهرجان، والمواقع المنسقة لسوق الفيلم، ومهرجان كان للأفلام القصيرة وسينيفونداسيون، كما أن التطبيق الخاص بالعلامة التجارية الجديدة "مهرجان كان - الرسمي"، متاحة للتحميل من Google Play، بعد أن خضعت لدائرة الرقابة الداخلية والروبوت، بالشراكة مع أورانج.
لقد أتاحت الثورة الرقمية في كان السينمائي هذا العام الفرصة لنرى العجوز "وودي آلان" نجم كان، والافتتاح بصحبة الجميلات كريستين ستيوارت وفانسيا بارديس وبلاك ليفلي وجوليان مور، وشاهدنا جودي فوستر تتحدث بحماس عن تجربة المرأة كمخرجة في السينما الأمريكية والأوروبية، وفوجئنا أنها تتحدث عما يشبه الاضطهاد للمرأة خلف الكاميرا رغم أن دولة مثل السويد تحدد كوتة في هذه الصناعات للنساء، وترجمت أول حوار أجراه المهرجان مع المخرج المصري محمد دياب بمناسبة اشتراك فيلمه في مسابقة قسم "نظرة ما"، وفوجئت به يقول إن الفنانين في مصر لا يشعرون بالأمان، وإنه بدأ بكتابة فيلم مع شقيقه عن صعود الثورة في مصر لكنه انتهى إلى فيلم عن سقوط الثورة، قال تصريحاته دون أن يخشى شيئًا.
وفي خلفية متابعتك السينمائية سوف تستشعر برودة الطقس نسبيًا في مدينة المشاهير والأغنياء والصيحات، وسوف تتعرف على بعض المعلومات المهمة مثل أن معظم ضيوف المهرجان يأتون من مطار نيس بالجنوب القريب من كان.. سوف تشاهد شارع الكروازيت الذي يقع به أشهر فندق سكنه الفنانون وهو فندق ماجستيك، وربما يتأتى لمسامعك الحديث عن الجزيرة الموجود بها سجن هناك اعتقل به ذات يوم عبد القادر الجزائري.
ورغم أيام المهرجان الأولى فهناك أحداث كثيرة وندوات، وبعد أيام سنشاهد الجوائز وحفل الختام الساخن بنجومه ونتائجه أيًا كانت، لحظة بلحظة وثانية بثانية، لأننا بساطة وفي مهرجان كان السينمائي ونتيجة استخدام جيد للثورة الرقمية.
الآن أستطيع كإعلامي أن أقول إنني أكتب لكم رسالة مهرجان كان دون أن يتهمني أحد بالفبركة أو التزييف كما فعل محفوظ عجب في المسلسل الشهير.. فبفضل التكنولوجيا الرقمية صرنا فعلاً في قلب الحدث.