رئيس التحرير
عصام كامل

جذور أزمة الصحافة.. والداخلية


يخطئ من يعتقد أن الأزمة بين الداخلية والصحفيين، بدأت باقتحام بعض ضباط الشرطة مبنى النقابة، للقبض على اثنين من الصحفيين تنفيذا لأمر النيابة بضبطهما وإحضارهما للتحقيق معهما حول الاتهامات المنسوبة إليهما.


صحيح أن هذا التصرف غير المسبوق، أشعل غضب الصحفيين ليس دفاعا عن الزميلين وأحدهما لم يحصل بعد على عضوية النقابة، ولو كان ما نسب إليهما من اتهامات صحيحا لاستحقا أقصى عقوبة، والأمر تحول للقضاء لا النقابة.

ما أشعل الغضب بين الصحفيين أن نقابتهم تعرضت للاقتحام لأول مرة في تاريخها، علما بأن الاتصال بنقيب الصحفيين أو أحد أعضاء مجلس النقابة لتسليم المتهمين، كان كفيلا بحل المشكلة، بدلا من الاقتحام الذي أهان أعضاء الجمعية العمومية للصحفيين.. وانتفضوا للدفاع عن نقابتهم.

ولكن البداية كانت أبعد من هذا التاريخ..

ربما يعتقد آخرون أن الأزمة بدأت عندما تم حصار النقابة يوم ٢٥ أبريل في ذكري الاحتفال بتحرير سيناء، والقبض على عدد كبير من الصحفيين أثناء تغطيتهم للمظاهرات المحدودة التي شارك فيها بعض المعترضين على الاتفاقية المصرية -السعودية التي تقضي بحق المملكة في ملكية جزيرتي تيران وصنافير، ولم يكن هناك أي مبرر يدفع لحصار النقابة، واستفزاز جموع الصحفيين، وتعميق فجوة عدم الثقة بين الشرطة والصحفيين.. وإن كانت بداية الأزمة أبعد من واقعة حصار النقابة.

بداية الأزمة ترجع إلى ٢٥ يناير ٢٠١١ وما واكب الثورة التي أطاحت بنظام مبارك، من اعتداء بعض المتظاهرين على أقسام الشرطة، وتحميل أجهزتها مسئولية التجاوزات التي أدت إلى الثورة، واشتباك بعض المتظاهرين غير المسيسين مع ضباط وجنود الشرطة وإهانتهم، وبينما تفهم الضباط والأفراد، الظروف التي أدت إلى تلك التجاوزات لم يغفر آخرون لكل من ساند الثورة سواء بالمشاركة الفعلية في أحداثها.. أو الدفاع عنها، واعتبروا أن لديهم ثأرا مع مؤيدي الثورة، وفي مقدمتهم أعضاء الجمعية العمومية للصحفيين، لذلك يحرص هذا الفريق المعادي للثورة في أجهزة الداخلية على ألا يندمل الجرح الذي أصابهم، ويحتفلون بذكرى الثورة على طريقتهم بتكليف بعض المذيعين المقربين من أجهزة الداخلية بإعادة المشاهد التي توضح تجاوزات المتظاهرين سواء بحرق أقسام الشرطة والاستيلاء على السلاح أو إهانة الضباط والجنود.

والحقيقة أن العداء لثورة يناير، لا يقتصر على هذا الفريق الذي يبدو تأثيره القوى على صناعة القرار داخل وزارة الداخلية، إنما شمل قطاعات أخرى داخل أجهزة الدولة لأسباب مختلفة، بعضهم اعتقد أن حصاد ثورة يناير يتلخص في ركوب الإخوان موجتها والاستيلاء على الحكم، ويعبر بعض الصحفيين والإعلاميين والسياسيين عن تلك القناعة.. ويجاهرون بالعداء لكل من دعم ثورة يناير، ويحرضون الحكم عليهم.

جناح آخر معادٍ للثورة، من الذين استفادوا من فساد نظام مبارك، وحققوا ثروات غير مشروعة على حساب الشعب، ويخشون من المحاسبة التي بدأت ملامحها تظهر بالمطالبة بإعادة الأموال المنهوبة إلى الدولة، وما زال هذا الفريق يتباكى على عصر مبارك ويسعي إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ويعيقون محاولات الدولة التصدي للفساد.

وأتوقف عند ممارسات الفريق المعادي للثورة بين ضباط الشرطة وأجهزتها، والذي سبب العديد من المشكلات للنظام بدأ بالصدام مع أعضاء نقابة المحامين، ولولا اعتذار الرئيس السيسي واستجابة النقابة لتدخله، لتأزم الموقف أكثر، ثم تجددت الأزمات مع نقابة الأطباء تلك الأزمة التي لم تجد طريقها للحل حتى الآن، وأخيرا افتعال أزمة مع أعضاء الجمعية العمومية للصحفيين.. واقتحام نقابتهم، دون مراعاة لردود الأفعال الغاضبة بين جموع الصحفيين.. ولا ما حدث من إدانة عالمية أساءت إلى سمعة مصر، في وقت تتعرض فيه لمؤامرات عالمية تتطلب توحيد جميع المصريين، لا استبعاد فريق مؤثر منهم، شارك في مواجهة جماعة الإخوان والتخلص من حكمهم البغيض وساند الرئيس عبدالفتاح السيسي وأيده بدون تخطيط، رغم المحاولات الفاشلة للوقيعة بين الرئيس والصحفيين.
الجريدة الرسمية