التائب من «القمع» كمن لا «قمع» له!!
«التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، هكذا تعلمنا..و«التائب من القمع كمن لا قمع له»، هذا ما يجب على وزير الداخلية أن يعلمه، فيبادر بالاعتذار عن اقتحام بعض أفراد وزارته مقر نقابة الصحفيين، ثم محاصرتها من الجهات الأربع، في حماية المواطنين الشرفاء، الذين نعلم جميعا من أين جاءوا، ومَنْ أتى بهم؛ لإهانة الصحفيين الرافضين لانتهاكات الداخلية.
الاعتذار فضيلة لا يدرك قيمتها إلا كل كبير، وليست أبدا رذيلة، أو نقيصة، ولا تنال من هيبة أي مسئول، ولامن هيبة الدولة، ومن يقل بغير ذلك فهو ناصح غير أمين، وفي قلبه مرض، وله أغراض أخرى لا علاقة لها بالصالح الوطني!
اعتذار المخطئ من شيم الكبار، والعناد والإصرار على الخطأ من شيم كل متكبر جبار، ونحن نربأ بأي من مسئولينا أن يكونوا عتاة، قاسية قلوبهم، تأخذهم العزة بالإثم، حتى لا تكون جهنم حسبهم، وبئس المهاد.
أيها الوزير..لقد صنعناك- معشر الصحفيين والإعلاميين- على أعيننا، ورفعناك إلى الدرجات العلى، عندما جيء بك من بيتك لتتولى واحدة من أهم الوزارات، وأكثرها حساسية في المرحلة الراهنة.. استبشرنا خيرا بمجيئك، باعتبارك رجلا معلوماتيا تولى مسئولية أخطر الأجهزة الأمنية.. ظننا أن صمتك حكمة، لكن تقديرك السياسي لأزمة الصحفيين أثبت لنا أننا أخطأنا التقدير، إذ بدا صمتك أشبه بصمت عامل طلب منه مناقشة أبحاث ونظريات علماء الذرة!
نحن في مركب واحد.. ويا بخت من بدأ بالسلام، ومد يده لإنقاذ وطن تداعت عليه الأكلة، ولم يعد يحتمل نزقا وتعاليا أكثر من ذلك.. ونقيب الصحفيين «رمى بياضه»، وأعلن استعداه لقبول الحوار، والترحيب بأية مساعٍ من شأنها حقن مشاعر الغضب بين الصحفيين، وإلجام أفواه الموالين للنظام الذين يصرون على إشعال الأزمة كلما خبت أوارها، ويستعدون بسطاء الشعب على زملائهم، ويحرضون على قتلهم، دون «قرصة ودن»، أو أن يقول أحد لهم: إنكم تحرقون الوطن.
قد يقول المتحيزون، والمنحازون دوما للداخلية ووزيرها، أيا كان اسمه: إن الشرطة لم تخطئ، وأنها تنفذ أوامر النيابة، لتأسيس دولة القانون على الجميع دون استثناء.
والحقيقة أن قولهم حق يراد به باطل.. فالصحفيون لم يطالبوا إلا بدولة القانون، وتطبيق القانون على الجميع.. لكن تطبيق القانون كان يقتضي إبلاغ النقيب قبل اقتحام النقابة، وفقا لقانون النقابة الخاص، الذي يقيد القانون العام.
ولنفترض جدلا أن الشرطة لها كل الحق فيما ذهبت إليه، وأن مجلس النقابة «مفتري».. ألم تكن المواءمة السياسية تقتضي التعاون مع «النقيب» لتسليم الزميلين، أو إيجاد أرضية مشتركة ترضي جميع الأطراف، مثلما حدث مع الزميل عبد الجليل الشرنوبي في عهد مكرم محمد أحمد؟
ألم تكن المواءمة السياسية تقتضي رفع الأمر إلى جهات أعلى لأخذ وجهة نظرها، كما حدث في واقعة «حسن» نجل الأستاذ «هيكل» الذي سُمِحَ له بحضور عزاء والده، والسماح له بالهرب مرة أخرى خارج البلاد، رغم اتهامه في قضية «التلاعب بالبورصة»، مع علاء وجمال مبارك، وصدور أمر ضبط وإحضار له من محكمة جنايات القاهرة، وقرار النائب العام بإدراج اسمه على قوائم ترقب الوصول!
ثم أين كانت«دولة القانون» من «خ. ال»- المتحدث الإعلامي لحملة «كمل جميلك» التي كانت داعمة لترشح «السيسي» للرئاسة- والسماح له بالظهور الإعلامي رغم اتهامه في عدة قضايا، منها انتحاله صفة «صحفي»؟
أين «دولة القانون» من استمرار حصار نقابة الصحفيين، والتقييد على الحريات، وقمع المعارضين..؟