رئيس التحرير
عصام كامل

حروب الجيل الواطى !


أن تحترق القاهرة، فهذا له معان كثيرة، تصب كلها في طريق واحد وهو فشل شبه الحكومة التي تحكم شبه دولة.. نعم فإن كان إلقاء اللوم على الإهمال فأنتم إدارة فاشلة لا تستحق أن تدير إقطاعية أو وسية أو حتى قرية صغيرة في "نجع نائى" في أطراف مصر، وإن كانت الحرائق بفعل شماعة الدولة وهى جماعة الإخوان الإرهابية، فهذا فشل وجرم وذنب لا يغتفر، فكيف لجماعة أغلبها إما هاربا خارج الوطن أو مقيدا بأغلال السجون في داخله أن تحارب نظاما عتيقا قويا به مؤسسة شرطية مشهود لها القوة وأشياء أخرى! 


وإن كان السبب غير معلوم من قبل الدولة، فكيف يتأتى المواطنين العاديين أن يكشفوا سره! نأتى للسبب الأخير والذي نطقت به ألسنة العامة من البائعين في منطقتى العتبة والغورية (الأثرية) بالأمس القريب، وهو أن الحريقين بفعل فاعل مما جعل القنوات الفضائية الخاصة والمملوكة لأساطين المال وخلافه في مصر والناقلة لتلك الكوارث، والتي قامت بتغطية آثارها القريبة والمباشرة تقطع البث فور هتاف الباعة والمارة والمتجمهرين.. الهتاف كان (بفعل بفاعل) وامتد الهتاف إلى المطالبة برحيل رئيس الحكومة!.. ربما كان هذا طبيعيا ومألوفا في دولة الصوت الواحد والرأى الواحد والرجل الواحد الذين لا يجدون غيره فاعلا ومؤثرا في كافة شئون الحياة! 

هناك كثير من الملاحظات على تلك الحرائق، أولها: أن الحريق الأول وقع في قلب العاصمة وفى منطقة قريبة جدا من مبنى الدفاع المدنى أو ما يعرف بالمطافى.. ورغم ذلك فشلت قوات الدفاع المدنى فشلا مخزيا في السيطرة على الحريق الذي أدى لكارثة معمارية واقتصادية وإنسانية خطيرة.. لكن يبقى الخطر من ذلك وهو أنه لأول مرة يكاد المواطنون العاديون والغلابة يصدقون ويؤمنون بنظرية المؤامرة!


دعك من الكلام الفارغ عن حروب الجيل الرابع الإلكترونية وحروب فيس بوك وتويتر وغيرها، نحن أمام حرب من الجيل الواطى ولا مؤاخذه!. مؤامرة داخلية من أصحاب نفوذ.. ردد ذلك البعض مؤكدين أنه ليس كل الظن إثما، بينما أعلن البعض صراحة أن الدولة تريد إخراجهم من وسط البلد وأنهم مهما حدث ليسوا بخارجين.. تحد من البسطاء لشبه الدولة ومؤامرتها التي ظنوا بها أولا ثم آمنوا بها سريعا جدا!.. نحن إذن في حالة حرب


نعم نحن أمام حرب صريحة يحرق بها الأنذال أيا ما كانوا، ما تبقى من الوطن.. إن كانت الدولة تحولت لــ شبه دولة كما وصفها السيد الرئيس وشدد على ذلك، فالوطن هو الباقى ولكن أهل الشر الكثيرين الذين يتحدث عنهم الجميع ولا يحدد أحد هويتهم بالضبط حتى الرئيس نفسه، والذي دوما يلمح بالإشارة للإخوان وفقط، هؤلاء المجهولون أو المعلومون لدى البعض القليل، يقومون بحرق الوطن إما عمدا أو إهمالا.. ولا صوت ولا سوط لمحاسب أو حتى جلاد يردعهم.. أين شبه الدولة من حرق عاصمتها؟ !

ثانيا.. إن كانت تلك الحالة الكارثية قد وقعت في العتبة في قلب القاهرة، وعلى بعد خطوات من مجلس الوزراء ومجلس النواب اللذين لم يصدرا بيانا أو يعقدا لجنة طوارئ أو يعلنا أن البلد في كارثة تستلزم تضافر الجميع، فما إذن الداعى لوجود هؤلاء في شبه الدولة المصرية، ما هي ضرورة وجودهم بعدما اكتفيا بلعب دور المتفرج على حرق مصر.. هل كانوا يشجعون النيران وهى تلتهم مقدرات المصريين ! 

ثالثا.. أين الحكومة التي تنتفض ضد مجموعة من أصحاب الأقلام ولا تنتفض ضد مشعلى النيران؟!.. أين مراكز البحث الجنائى لترد على شهود العيان في منطقتى العتبة والغورية والذين أكدوا أن النيران كانت تنتقل من منزل لآخر ومن مبنى لآخر تفصل بينهم مئات الأمتار ! 

رابعا.. ماذا سيكون رد الرئيس على تلك الكوارث، هل سيقيل المسئولين عن هيئة الدفاع المدنى الذين فشلوا في السيطرة على الحادث حتى يصوب مؤسسات شبه الدولة ويولها لدولة!، هل سيأمر بالتحقيق في أسباب الحادث عن طريق لجنة خاصة يثق فيها من مؤسسة الرئاسة ثم يعلم الشعب بنتائجها ويحاسب المقصرين والمهملين وأهل الشر والمتآمرين.. إن كان ذلك كذلك فنحن في طريق بناء دولة، وإن لم يكن فنحن إذن مازلنا نتشبث بشبه الدولة ونبارك وجودها.. وعلى مصر السلام... 
fotuheng@gmail.com

الجريدة الرسمية