رئيس التحرير
عصام كامل

أيمن عبد التواب يكتب: إسقاط «الصحفيين» لصالح مَنْ؟.. بعض الذين حضروا اجتماع «أسرة الأهرام» تم طردهم من النقابة عقب سقوط نظام «مبارك» فبأي وجه يتصدرون المشهد الآن؟ وأي 

اجتماع الاهرام
اجتماع الاهرام


استعداءٌ شعبي على الصحافة.. حصار قلعة الحريات من الأمن ومن ما يُطلق عليهم «المواطنون الشرفاء».. أقوال الشهود تتغير، طواعية، أو تحت التهديد، أو بحثًا عن مكاسب.. تشويه متعمد لبعض أعضاء مجلس النقابة.. إصرار عجيب من المخطئ على إنكار الخطأ.. انحياز واضح للسطة التنفيذية، المتمثلة في وزارة الداخلية، التي اقتحمت مقر النقابة، على حساب الإعلام الذي يدافع مقدراته.. هذا هو خلاصة المشهد الآن.


وما زاد الوضع تعقيدًا أن بعض «النواب»، وبعض المحسوبين على «صاحبة الجلالة» ممن طُرِدوا من النقابة ولُفِظوا من جموع صحفية غفيرة، عقب سقوط حكم «مبارك»، هم الذين يحاولون تصدر المشهد الآن، بزعم «تصحيح المسار»، بينما فضح اجتماعهم بـ«الأهرام» تطاولهم على زملائهم، وادعائهم زورًا وبهتانًا بأن الصحفيين يريدون «إسقاط الدولة»!

أضف إلى ذلك «مزايدات» البعض على زملائهم «المنتخبين» في مجلس النقابة، ومطالبتهم بمحاسبة «النقيب» ومجلسه، وسحب الثقة منهم، بل و«القبض عليهم»، و«حبسهم»؛ لأنهم تجرأوا ورفعوا أصواتهم، وانتفضوا دفاعًا عن النقابة التي جاءوا على رأسها بانتخابات حرة نزيهة.

السؤال: هل الحكمة تقضي هذه التصرفات والتصريحات الرعناء؟ وهل التضحية بيحيى قلاش، بإسقاطه أو حبسه هو وأعضاء مجلسه؛ استجابة لبعض الأصوات «النشاز»، سيحل الأزمة؟ الإجابة: لا!

أما الأخطر من كل ما سبق فهو ما قاله أحد الداعمين لما يسمى بـ«اجتماع الأسرة»، وهو بالمناسبة عضو برلماني: «إن هناك خيطا رفيعا يربط بين الحادث الإرهابي في حلوان، وبين أزمة نقابة الصحفيين».. وكأنه يريد تسليم الصحفيين «تسليم أهالي»، داعيًا جموع الصحفيين إلى «إسقاط المجلس الحالي»!

نحن نسير في طريق لا يمكن لأحد أن يتنبأ بنهايته.. خاصة وأن الأصوات العاقلة في «مجلس النقابة»، التي تراجعت عن اعتذار الرئيس، كمطلب أساسي لحل الأزمة، ورفضت التدخل الأمريكي في الشأن المصري.. يقابلها أصحاب الأصوات «المرتفعة»، الذين يحظون بحفاوة الاستقبال على القنوات الفضائية، ويصرون على تحميل الطرف، الذي يظنون أنه الأضعف، المسئولية كاملة.. ويقودون حملة ضارية ضد النقيب وعدد من أعضاء مجلسه، ويعملون على تحريض الصحفيين والرأي العام ضدهم.

وسط كل هذا «العبث» تتوه الحقائق، ويُحاول البعض أن يُنسينا أصل «المرض»، بالتركيز على «العَرَضْ»، فلم يتطرق أحدهم إلى جريمة الاقتحام، بل إن بعضهم برَّر الحصار الأمني لـ«النقابة» بأنه لـ«حماية الصحفيين» من «الفتك بهم» من قِبل «المواطنين الشرفاء»!

ما نود التأكيد عليه أن الصحفيين ليسوا في خصومة مع أيٍّ من مؤسسات الدولة، بل إنهم يؤمنون بأنهم ترس في تروس الدولة، وهمزة الوصل بين المؤسسات وبين الشعب.

لكن في الوقت نفسه نعلم أن هناك مَنْ يستغل هذه الأزمة مع الداخلية؛ لشق الاصطفاف الصحفي، وتصفية حسابات شخصية مع أعضاء بمجلس النقابة، أو التقرب من أجهزة الدولة بزعم الدفاع عن هيبتها.

ونعلم أيضًا أن معركتنا قد تطول، وأن بعض الزملاء لن يصمدوا أمام «ذهب المعز»، أو «سيف تهديداته»، وربما يُجبرون على تغيير مواقفهم وشهاداتهم لصالح الطرف الذي يظنون أنه الأقوى، كما حدث مع فردي أمن النقابة.

ويخطئ مَنْ يتصور أن الأزمة ستنال من الصحفيين فقط.. فكلنا خاسرون.. لكن الخاسر الأكبر هو «النظام» الذي ما خاض يومًا معركة ضد الصحافة وانتصر فيها.. حتى لو انتصر، فإن انتصاره يكون مؤقتًا، وسيزول بزوال أركانه!
إذًا، ما الحل؟

باعتقادي أن الحل يكمن في عدم استمرار الداخلية في عنادها، وأن تعلم أن الشجاع هو من يعترف بالخطأ، والاعتذار عنه، لن ينال أبدًا من هيبتها.. تمامًا كما اعترف مجلس نقابة الصحفيين «المنتخب»، بأنه غالى في بعض مطالبه، ومنها طلب اعتذار الرئيس.
الجريدة الرسمية