رئيس التحرير
عصام كامل

طبيبة ألمانية: نواجه أزمة في علاج اللاجئين لاختلاف الثقافات

فيتو

تشكل الرعاية الطبية للاجئين في ألمانيا تحديًا جديدًا؛ بسبب الاختلاف اللغوي والثقافي بين المريض والطبيب مثلا، في المقابل تسعى الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني للتغلب على ذلك من خلال تدريب العاملين في تلك القطاعات الخدماتية.

وتتوجه الطبيبة الألمانية أنجيلا فرانتس مرة واحدة كل أسبوع ولمدة ساعة ونصف الساعة لأحد مراكز إيواء اللاجئين القريبة من أجل تقديم الاستشارة الطبية للنزلاء هناك.

المتخصصة في الطب العام تحدثت لـــ DWعن تجربها في العمل التطوعي، وعن أهم المشكلات في التواصل الثقافي خلال الرعاية الطبية للاجئين: "بطبيعة الحال تعد اللغة العائق الأول بالنسبة لنا كأطباء، ففي أغلب الأحيان لا نتوفر على مترجم، وإن كان اللاجئ يستطيع التحدث قليلًا باللغة الألمانية، فإن اختلاف اللهجة قد يؤدي أحيانًا إلى سوء الفهم".

الطبيبة ترى أنه قد يمكن تدارك مشكلة اللغة، إذ يمكن التواصل مع المرضى أحيانا عن طريق الإشارات، لكن الاعتراض على جنس الطبيب أو المترجم من الأمور التي تعيق نوعًا ما عملهم كالأطباء، وتقول: "من خلال تجربتي وما أسمعه أيضًا من زملائي فإن بعض النساء من العالم الإسلامي يعترضن على جنس الطبيب، وأحيانا أخرى يعترضن على وجود المترجم أو المساعد الاجتماعي في نفس الغرفة أثناء الفحص الطبي، فيطلبن إبعادهم، وهنا نلاحظ وجود فصل بين الرجل والمرأة في ثقافة تلك المجتمعات".

وتذكر فرانتس أيضًا بعض الأمور البسيطة مثلًا كالمصافحة باليد، وهي من الطرق الأساسية للتحية والترحيب في ألمانيا، بيد أنها تختلف لدى اللاجئين من ثقافة لأخرى:”تعودت عندما أدخل غرفة الفحص في البداية أن أتقدم لمصافحة المريض، لكن هنا قد يختلف الوضع، حسب الخلفية الثقافية للمريض.

وحول وجود اعتراض لدى اللاجئين على أصناف معينة من العلاج تقول الطبيبة: "في الحالات التي تتطلب العلاج الفوري، أرسل المريض إلى الأطباء المختصين، وهنا تواجهنا أحيانًا مشكلات متعلقة بنوع العلاج.. العديد من اللاجئين يعانون نفسيًا بسبب ظروف الهجرة واللجوء وينعكس ذلك على الجسم ليتحول إلى ألم عضوي كآلام الظهر أو المعدة وغيرها، ولكن مثل هذه الآلام قد تكون بسبب آلام نفسية، وهنا يصعب علينا أن نوضح لبعض اللاجئين أن الألم العضوي ناتج بالدرجة الأولى عن المعاناة النفسية وأنهم بحاجة أولًا إلى علاج نفسي".

وتؤكد الطبيبة الألمانية في نفس السياق أن فحص وعلاج المناطق الحساسة في الجسم مثل الأعضاء التناسلية، يشكل أحد أهم المشكلات التي تطرح تحديًا كبيرًا عند الرعاية الطبية للاجئين، وتوضح فرانتس قائلة: "خلال تجربتي مع المرضى اللاجئين لاحظت أن النساء بشكل كبير وكذللك الرجال لديهم حساسية كبيرة في التعامل مع هذا الموضوع، فمثلا الزوج يفضل أن تقوم طبيبة بفحص زوجته بدل الطبيب الرجل ونفس الشيء بالنسبة للرجل، الذي يفضل العلاج من طبيب ذكر مثله، وهنا أحاول أن أتعامل بحساسية مع الموضوع لأن حدود الخجل في خلفيتهم الثقافية مختلفة تمامًا عن الخلفية الثقافية الألمانية".

على حسن، وزوجته نسرين، لاجئان سوريان، يقيمان في كولونيا منذ عامين تقريبًا ويتعاملان باستمرار مع أطباء سوريين وألمان، ويوضح عليفي حديثه مع DWعربية": "شخصيًا عندما أشعر مثلًا بألم في أي منطقة حساسة في جسمي، فسواء كان الطبيب امرأة أو رجل، فلا يشكل الأمر مشكلة بالنسبة لي ولا لزوجتي أيضًا، إذا قبلت هي أن تعالج من طرف طبيب رجل، هذا لا يشكل مشكلة لي على الإطلاق، لأن المهم هو العلاج".

وحكى حسن قصة لامرأة سورية من مدينته وكيف أن زوجها رفض أن تتم معالجتها من طرف طبيب أسنان رجل، رغم شدة آلام أسنانها.

الحكومة الألمانية والمجتمع المدني الألماني وعدد من المؤسسات تسعى إلى تخطي هذه العقبات الناجمة عن الاختلافات في الرؤى الثقافية، وذلك من خلال توفير تدريب خاص لمقدمي الخدمات الصحية والمهنيين في المجال الطبي.

مؤسسة كارل ديسبرغ، هي مؤسسة متخصصة في التدريب والتقريب بين الثقافات، وأصبح هذا النوع من البرامج التدريبية مهمًا في ألمانيا، إذ تستفيد منه الشركات الألمانية الكبرى لإعداد وتأهيل كوادرها وتزويدهم بالقدرات اللازمة لتخطي العقبات، التي تواجههم أثناء تأدية عملهم عند التعامل مع أفراد من ثقافات مختلفة، فيكتسبون قدرات التعامل مع العديد من الثقافات.

كاتارينا ليرش، هي المسئولة عن التدريب الخاص بالتواصل بين الثقافات في مؤسسة كارل ديسبرغ في كولونيا تحدثت عن فكرة برنامج التدريب الخاص بالعاملين مع اللاجئين في مختلف المجالات، وتقول: "نقدم العديد من التداريب الخاصة باللاجئين والتدريب المسمى بالكفاءة والاستيعاب المتعدد الثقفات، حيث نتلقى العديد من الطلبات من الأشخاص الذين يقومون برعاية اللاجئين والمتطوعين في مختلف المجالات، وهؤلاء عبروا لنــا عن احتياجهم لهذا التدريب للقيام بعملهم بشكل أفضل".

وتوضح ليرش مضمون التدريب قائلةً: "في البرنامج التدريبي نقدم دروسًا حول التوعية الثقافية من خلال التعريف بالثقافة والاختلاف الثقافي والسلوكي في الثقافات المختلفة، بالإضافة إلى كيفية التعامل مع الأديان المختلفة ومفهوم العائلة والتعامل مع الوقت واحترام القوانين والتواصل وكيفية التعامل مع الموضوعات الحساسة في الثقافات الأخرى كموضوع المثلية الجنسية مثلًا والمساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى دروس حول إدارة الخلافات، التي تحدث في مراكز إيواء اللاجئين وكيفية التعامل في مثل هذه الحالات".

وترى ليرش أن العاملين في القطاع الصحي من أطباء وممرضين ومساعدين يواجهون التحدي الأكبر، لأن تعاملهم مع المريض يعتمد بشكل أكبرعلى التواصل: "هناك صعوبة في التواصل بين المريض والطبيب، وذلك لأنهما لا يتكلمان نفس اللغة، ولكل منهم خلفيته الثقافية الخاصة به، كما أن شرح طبيعة المرض للمريض صعب للغاية، بالأخص للجنس الآخر، بالإضافة إلى ضرورة شرح بعض المصطحات الطبية، وبطبيعة الحال يشكل هذا عقبة أكبر بالنسبة لفئة الأطباء".

ويذكر أنه بموجب قانون طالبي اللجوء، يحصل جميع اللاجئينن على كل الخدمات الصحية اللازمة.. بيد أن هذه الخدمات تقتصر في بعض الأحيان على الأمراض الحادة، التي تتطلب العلاج الفوري، كما أن تطبيق نظام الرعاية الصحية للاجئين يختلف حسب الولايات والمناطق التي يقيمون فيها.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية