جدل بين رجال الأعمال حول خطة جذب الاستثمار.. «طلبة»: القطاع الخاص لا يعترف بخطط عامة.. «الجبلي»: تحتاج لتفاصيل جديدة.. «هلال»: نفس المنظومة القديمة.. وأستاذ اقتصاد: لا بد
في الوقت الذي حرصت فيه وزارة الاستثمار على طرح خطة عملها بهدف جذب الاستثمارات وتحسين مناخ الاستثمار، أكد رجال الأعمال أنهم لم يعد يهمهم تلك الخطط المتكررة، وأن ما يحتاجون له الآن هو لمس أمور حقيقية على أرض الواقع تشجعهم على ضخ استثماراتهم في السوق المحلية.
الخطة الجديدة
وتتركز خطة وزارة الاستثمار الجديدة على إعادة النظر في التعدیلات التي تم إدخالھا على قانون الاستثمار والنظر في إدخال تعديلات ومواد أخرى جديدة، بالتنسیق مع كافة الجھات المعنیة، كما يتم العمل على إصدار قوانين الإفلاس والتصفیة، وإصدار قانون خاص لإنشاء وإدارة الصنادیق الحكومیة الاستثمارية والسيادية.
من جانبه، قال المهندس مجدي طلبة، عضو المجلس التصديري للملابس الجاهزة، رئيس شركة "كايرو قطن سنتر"، إن تفعيل خطة عمل وزارة الاستثمار يحتاج إلى عدد من الأمور الأساسية، على رأسها اعادة هيكلة أجهزة الوزارة، واعادة تشكيل مجلس أمناء هيئة الاستثمار.
تابع أن "مجلس أمناء هيئة الاستثمار يمكنه أن يكون جهة لتمثيل جميع القطاعات الاستثمارية، وبالتالي يمكن من خلاله التعرف على مشكلات كل قطاع، لأنه من غير المنطقي أن تلتقي الوزيرة مع 5 آلاف مستثمر، للاستماع إلى مشكلاتهم"، لافتا إلى أن مصر ليس لديها الآن رفاهية الوقت.
إصلاح مجتمع الأعمال
وأكد طلبة أن وزارة الاستثمار عليها أن تستهدف في المقام الأول إصلاح مجتمع الأعمال، حتى لا تضيع مجهودات الوزارة فيما يخص تحقيق أهداف خطتها، خلال السنوات المقبلة، مطالبا بضرورة أن تقوم الوزارة أيضا بربط أهدافها بتوقيتات وأرقام محددة.
وأشار إلى أن القطاع الخاص لا يعترف بخطط عامة، غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وهو ما يتطلب إيجاد آليات سريعة وحاسمة لتفعيل الخطط، كتحديد مدد محددة لتأسيس الشركات على سبيل المثال.
وأضاف أن حجم المشكلات الاستثمارية ضخم ومتراكم بسبب تأخر الدولة في حلها، وأن وزيرة الاستثمار لديها كافة الإمكانيات التي تؤهلها لتحسين مناخ الاستثمار، ومن ثم فعليها استغلال ذلك والبدء في إجراء جراحة عاجلة بالوزارة تمكنها من ذلك، دون تردد.
وفي السياق ذاته، قال محرم هلال، رئيس مجلس إدارة مجموعة سوبريم البترولية، إن خطة عمل وزارة الاستثمار لم تأتِ بأي جديد، مؤكدا أن المضمون لم يتغير منذ قديم الأزل.
وتساءل: «أين ما تحقق فعليا على أرض الواقع؟»، مشيرا إلى أن قانون الاستثمار متعارض مع اللائحة التنفيذية له، وكلاهما لا يحقق طموحات المستثمر الأجنبي.
غياب الأمن
وتابع: «سقمنا من الحديث الحكومي حول الشباك الواحد، وتعبنا أيضا من المطالبة بضرورة توفير الأراضي المرفقة»، مشيرا إلى أن الكثير من الأحداث أثرت بالسلب على مناخ الاستثمار خلال الفترة الأخيرة، والتي كان آخرها خطف رجل الأعمال السعودي، ما يعكس غياب الأمن والاستقرار في الدولة.
واستنكر رئيس مجلس إدارة مجموعة سوبريم البترولية الحديث حول أن وزارة الاستثمار تسعى لإشراك مجتمع الأعمال، من خلال لجنة منفصلة لمناقشة وجھات نظر القطاع الخاص حول توجھات السیاسة الاستثماریة، موضحا أن الوزارة تعرف جيدا مطالب القطاع الخاص ومشكلاته وكل ما يتعلق بوجهة نظره في السياسات الاستثمارية القائمة، وبالتالي فلن ينتج عن هذه الخطوة أي جديد، خاصة أننا بحاجة لإجراءات فعلية من شأنها إحداث فارق في مناخ الاستثمار.
إجراءات فعلية
وقال الدكتور شريف الجبلي، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، رئيس مجلس إدارة شركة أبوزعبل للأسمدة والكيماويات، إن خطة عمل وزارة الاستثمار التي أعلنتها مؤخرا، بحاجة لبعض التفاصيل لإخراجها من مجرد الأهداف العامة، إلى إجراءات فعلية على أرض الواقع.
وأوضح أن رجال الأعمال والمستثمرين لا يريدون مجرد الحديث عن آمال الدولة في جذب الاستثمارات الداخلية والخارجي، وإنما يريدون قرارات وإجراءات جادة وملموسة يمكن من خلالها تشجيع المستثمر وطمأنته.
وقت التنفيذ
وتابع الجبلي أن الحديث حول وضع خریطة استثماریة موحدة، وتوحید الأھداف الاستثماریة على النحو الذي يتسق مع الأهداف القومية ووفقًا للقطاعات والمحافظات ذات الأولوية، ورؤیة مصر 2030، كلها أمور إيجابية، ولكن كثيرا ما سمعناها، وحان وقت التنفيذ والانطلاق، خاصة أن الاقتصاد المصري في أمس الحاجة لجذب الاستثمارات في الوقت الحالي.
وأضاف رئيس مجلس إدارة شركة أبوزعبل للأسمدة والكيماويات أن المستثمر أصبح الآن يبحث عما حققته الدولة وليس ما تستهدفه، فبدلا من الحديث على سبيل المثال عن اتجاه الدولة لإقامة المناطق الحرة وطرح عدد من المناطق الاستثمارية الجديدة في بعض المحافظات، نود أن نشاهد هذا فعليا، وفي هذه الحالة سيساهم ذلك في تحسين مناخ الاستثمار، وتشجيع رجال الأعمال على ضخ رءوس أموالهم في السوق المصرية.
جزء من برنامج الحكومة
وعلى الجانب الآخر، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن خطة العمل التي أعلنتها وزارة الاستثمار، هي جزء من البرنامج الحكومي الذي عرض على مجلس النواب، مؤكدا أن الخطة لا تحمل أي مضمون حول الآليات التي سيتم من خلالها تحقيق ما تناولته من أهداف وأحلام مستقبلية.
وتابع أن ما تناولته الخطة عبارة عن كلام عام للغاية وغير محدد، كوضع إطار عام موحد للسیاسة الاستثمارية في ضوء برنامج رؤیة مصر 2030، وتحسین البیئة التشریعیة، وتطویر السیاسات واللوائح الداخلیة للحد من العوائق التنظیمیة، وإعداد برنامج تنفیذي لجذب الاستثمارات الأجنبیة المباشرة وغیر المباشرة، وقیاس أداء البیئة الاستثماریة في مصر طبقا للمعاییر الدولیة، وهو كلام لا يسمن ولا يغني من جوع.
تفعيل الشباك الواحد
وتساءل فهمي: لماذا لم توضح الخطة كيفية جذب استثمارات خارجية مباشرة تتراوح ما بين 10 إلى 15 مليار دولار حتى نهاية عام 2018 كما ورد بها؟، مشيرا إلى أن جذب الاستثمارات يحتاج لخطط قصيرة ومتوسطة الأجل، كما أننا بحاجة لقرارات تستهدف تفعيل الشباك الواحد وقانون الاستثمار الموحد ووضع خطة للتعامل مع الضرائب والجمارك وتوحيد سعر صرف العملة وتحديد ما إذا كان سيتم تطبيق ضريبة المبيعات أم ضريبة القيمة المضافة خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن المواطن «شبع كلام»، ومن غير المنطقي أن نحدثه عن خطة مدتها 13 سنة، مطالبا الدولة ممثلة في وزارة الاستثمار بالانتهاء من الحديث حول مشكلات المستثمرين، والبدء في اتخاذ إجراءات فعلية حقيقية لتحقيق ذلك وتفعيله، ومن ناحية أخرى ينبغي عرض صورة واضحة المعالم أمام المستثمرين حول طبيعة الاستثمار في مصر.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أن الخطة اكتفت بالحديث عن الأهداف والأحلام، ولم تتطرق لأي من الآليات الفعلية لذلك، وهو ما يجعلها مجرد حبر على الورق.