أحمد السعدني «أول شيخ يتهم بالخيانة»
القارئ الشيخ أحمد سليمان السعدني من الرعيل الأول للقراء، وأحد مشاهير القراء، كان يتسم بالهدوء والسكينة وحسن الخلق، وعاش حياته متبتلا، ناسكا، قارئا لآيات الله في رحاب مسجد الشعراني بباب الشعرية، لكنه وبالرغم من ذلك جاء اسمه ضمن تقارير المخابرات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية، متهمة إياه بالتعامل مع الأعداء.
ففي بداية الحرب قالت مخابرات الحلفاء، إن الشيخ السعدني القارئ المعروف يذيع كل مساء في محطة برلين العربية الإذاعية، وقالت التقارير أيضًا إن عددا كبيرا من الناس يستمع إلى الإذاعة ليتمكن من سماع صوت الشيخ.
وسمع مصطفى النحاس باشا بالقصة، وكان رئيسًا للوزراء آنذاك، فسارع باستدعاء الشيخ، وعندما دخل مكتبه رفض النحاس أن يصافحه، قائلًا له بلهجته المعروفة: "لا، ده مش كلام، أنت راجل بتتعامل مع المحور"، فشرح الشيخ السعدني قصته للنحاس، واقتنع النحاس، فمد يده وصافحه بشدة وقال: "الآن اطمأن قلبي".
والحكاية تكمن في أن بعثة من الإذاعة الألمانية وصلت إلى مصر عام 1937، لتسجيل بعض الأغاني والبرامج العربية لإذاعتها في راديو برلين، وقضت البعثة عامًا كاملًا في مصر سجلت فيه كل ماتريد، ثم رأت أن تسجل شيئًا من القرآن الكريم، فلم يتسع الوقت لأكثر من عشرة تسجيلات كلها للشيخ السعدني، ونشبت الحرب عام 1939، فاستغلت برلين الفرصة وراحت تذيع شرائط الشيخ السعدني كل مساء من محطتها العربية، ومن هنا جاء اتهام المخابرات الإنجليزية للشيخ بالعمالة مع المحور.