رئيس التحرير
عصام كامل

سلمان الفارسي «الباحث عن الحقيقة»

سلمان الفارسى
سلمان الفارسى

لم تطأ قدماه طريقا يحث على الإيمان إلا وسار فيه، لم يلق بابًا يدعو إلى التوحيد إلا وطرقه، هكذا عاش الصحابى سلمان الفارسي المولود في 568 ميلادية في منطقة أصفهان بإيران، وعرف سلمان الفارسى الإسلام بقلبه قبل عقله، وظل طوال حياته يبحث عن ذلك النبى المرسل محمد عليه السلام الذي عرف عنه قبل لقائه.


دان سلمان الفارسى بالمجوسية ولم يقتنع بها، فترك بلاده بفارس ورحل إلى بلاد الشام حتى التقى بمجموعة من الرهبان والقساوسة فأعجبه صلاتهم، فدان بدينهم، ومكث في الكنيسة يخدم ويصلى ويتعلم سنينا.

وبعد وفاة معلمه ارتحل الفارسى من بلاد الشام إلى الموصل ثم إلى عمورية في بلاد الروم، إلى أن حضر الموت صاحبه الذي أمره أن يهاجر إلى أرض ذات نخل بين جرّتين (شبه الجزيرة العربية)، ليلقى نبى الله الذي بُعث بدين إبراهيم حنيفا، وأوصاه بأن يخلص له، وقال الرجل المؤمن للفارسى إن هذا النبى له آيات لا تخفى، فهو لا يأكل الصدقة ويقبل الهدية، وبين كتفيه خاتم النبوة، إذا رأيته عرفته.

وتمر الأيام، حتى يباع الفارسي لأحد يهود بنى قريظة الذي يصطحبه إلى المدينة المنورة، ليلقى فيها - فيما بعد - محمد رسول الله، فأشهر إسلامه.

عرف سلمان الفارسي بزهده وفطنته وورعه، وكرهه للإمارة والمنصب التي قال عنها "إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين؛ فافعل"، ولقبه على بن أبى طالب رضى الله عنه، بلقمان الحكيم، وعندما سئل عنه بعد مماته، قال على: " ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت..من لكم بمثل لقمان الحكيم؟ أوتى العلم الأول، والعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، وكان بحرا لا يترف".

كان سلمان الفارسى صاحب المشورة بحفر الخندق، الذي لم يعهده العرب من قبل في حروبهم، حيث حمى المنطقة المكشوفة من المدينة وأنقذ المسلمين من بطش 24 ألف مقاتل تحت قيادة أبى سفيان، وانتصر الإسلام على أعدائه.

وعاش سلمان الفارسى مع الرسول منذ التقى به وآمن معه مسلما حرا ومجاهدا وعابدا، وعاش مع خليفته أبى بكر ثم أمير المؤمنين عمر ثم الخليفة عثمان بن عفان حيث لقي ربه أثناء خلافته في 644 ميلادية.

وهكذا ظل سلمان الفارسى طوال حياته ينتقل من أرض إلى أخرى، باحثا عن الحقيقة الدينية التي تصله بالله عز وجل.
الجريدة الرسمية