رئيس التحرير
عصام كامل

الداعون لإسقاط «الصحفيين».. «شكر الله سعيكم»!


لن أسلك مسلك التطاول والإسفاف الذي سلكه المؤيدون لاقتحام نقابة الصحفيين.. ولن أستخدم مفردات القاموس القذر الذي استخدموه لتشويه صورة زملائهم الرافضين الاقتحام.. ولن أحصر القضية في أشخاص كنا نظن أنهم كبار.. والكبير الذي أقصده ليس كبير السن، لكن كبير العقل.. الذي وهبه الله من الحكمة، ورجاحة العقل ما يميز به بين الحق والباطل، والصواب والخطأ، كبير يعرف متى يهاجم ومتى يهادن.. متى يتكلم ومتى يصمت.. متى ينحاز لطرف ومتى ينحاز ضده.


فقط سأرد على ملاحظات هؤلاء بشأن الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه مجلس النقابة، الثلاثاء الماضي، لبحث الرد المناسب على انتهاك وزارة الداخلية للقانون:

أولا: لم تكن دعوة النقابة إلى «جمعية عمومية»، كما حاول البعض تصويرها لتصفية خلافات شخصية، أو أغراض نقابية، أو امتيازات أخرى لا نعلمها، لكنها كانت «اجتماعًا طارئًا» لا يحتمل التأخير؛ لاتخاذ موقف مناسب.

ثانيًا: الذين هاجموا مجلس النقابة، واتهموه بأنه يقود الجماعة الصحفية إلى الانقسام، بسبب ما وصفوه بـ«التسييس الأعمى».. فيؤسفني أن أقول لهم إنكم أنتم مَنْ تشقون الصف الصحفي، بأقوالكم المرسلة، واستشهادكم الخاطئ.. فنقابتنا تختلف عن النقابات الأخرى.. نقابتنا نقابة «رأي»، تؤدي دورها المهني، والنقابي، بجانب دورها السياسي.. هكذا تعلمنا منكم، وعلمتمونا وقت أن كان بعضكم يجلس على كرسي النقيب.. هل نسيتم ذلك؟

ثالثًا: الذين اتهموا مجلس النقابة بأنه يأوي «الهاربين من العدالة»، لماذا تبنوا رواية الداخلية، ولم يسمعوا من الطرف الآخر (يحيى قلاش)، الذي أكد أنه بادر بالاتصال بأحد ضباط الأمن الوطني للتنسيق فيما بينهما، إلا أن الأخير لم يتواصل معه، وحدث ما حدث!

رابعًا: الذين هاجموا المجلس الحالي، واتهموه بتصعيد الأزمة مع الدولة لـ«أغراض انتخابية»، وأشادوا بحكمة «نقباء» سابقين، ومجالس سابقة، ورئيس أسبق (مبارك).. فيؤسفني أن أقول لهم إن الظرف مختلف، والداخلية مختلفة، والرئيس مختلف، وواقعة الاقتحام نفسها ليست مسبوقة.. ولنا في قضية «عبد الجليل الشرنوبي» عبرة.. فلصالح مَنْ «تتناسون» ذلك الآن؟ ولصالح مَنْ تنحازون؟

خامسًا: الذين يؤلبون بسطاء الشعب، والموالين «اللاإراديين» للأنظمة على الصحفيين، ويطالبون بـ«إسقاط المجلس» بزعم «اختطاف النقابة».. فيؤسفني أن أقول لهم «شكر الله سعيكم».. ألم يأتِ هذا المجلس- رغم تحفظات البعض عليه- بانتخابات نزيهة، فهل هذه الديمقراطية الجديدة التي تريدون تعليمنا إياها؟

سادسًا: الذين دعوا إلى «مجلس حكماء»؛ لحل الأزمة واحتوائها، شريطة ألا يضم أحدًا من أعضاء مجلس النقابة الحالي.. فأي حلٍ تتحدثون عنه دون مشاركة أحدٍ من الذين انتخبناهم؟ هل أنتم أوصياء علينا؟ ومَنْ الذي منحكم صك الحديث باسم جموع الصحفيين؟ أترضونها لأنفسكم؟ ألا تستحون؟

سابعًا: الذين ملأوا الدنيا صراخًا وعويلًا، ويبذلون أقصى ما لديهم من «....»؛ لإيهام الناس، أو السلطة بأن الصحفيين «قلة»، وأن العدد لم يزد على الألف، أو الألفين.. فهذه المرة أقول لهم: اتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله، يوم لا ينفعكم وزير داخلية، أو رئيس وزراء!

فمن أين أتيتم بهذا العدد، وأنتم كنتم تجلسون في مكاتبكم المكيفة، أو مساكنكم الفاخرة، ولم تكلفوا أنفسكم عناء الذهاب إلى النقابة «المحاصرة» من جميع الجهات، وأفراد الأمن، وبمساعدة «المواطنين الشرفاء» لا يألون جهدًا لمنع صحفيين «نقابيين» من الدخول للمشاركة، وتعرض البعض الآخر للاعتداء؟ ثم هل نصدقكم ونصدق الناقل لكم، أم نصدق أنفسنا وكل الصحفيين والصحف الذين شاركوا في هذا الاجتماع؟

ثامنًا: الذين هاجموا الصحفيين بسبب هتاف «بغيض»، فمعهم بعض الحق، فهذه «تجاوزات فردية»، نبذناها من بيننا، ولم نسمح باستمرارها أو تكرارها.

لكن الحق أيضًا كان يتطلب من «المهاجمين» الوضع في اعتبارهم أن في مثل هذه الظروف، وفي وجود هذا العدد الهائل، فإن التجاوز وارد، ووارد جدًا، خاصة وهم يرون أنفسهم محاصرين من جميع الجهات، الأمن يشدد عليهم، ويمنع دخول زملائهم، و«المواطنون الشرفاء»- في حماية الشرطة- يستفزونهم، ويسبونهم بأقذع الألفاظ، ويشيرون إليهم بحركات أقل ما يُقال عنها إنها «أبيحة»!

تاسعًا: الذين أرادوا مجاملة «جهات ما»، وحاولوا الترويج بأن أغلب الذين حضروا من غير النقابيين، ولا علاقة لهم بالصحافة من الأساس.. فيؤسفني أن أقول لهم: والله لقد أردتم أن تذموا فمدحتم، وأن تفضحوا فافتضحتم.. لأنه لو صح ادعاؤكم هذا لكان عليكم المطالبة بـ«محاسبة الأمن» الذي سمح لهؤلاء بالدخول، في الوقت الذي يمنع «النقابيين»، وموظفي النقابة من دخول نقابتهم.. أليس كذلك؟!

عاشرًا: الذين ادعوا بأننا نهدف إلى إسقاط الدولة، ونطالب بأن تكون على رأسنا ريشة.. فيؤسفني أن أقول لهم: هل هذا رأيكم عن وعي، وقناعة تامة، أم ترددون ما يُملى عليكم؟

لقد طردنا من بيننا كل مَنْ كان يهتف، مجرد هتاف غير لائق، بينما كنا نسمع ما يجود به علينا «المواطنون الشرفاء» من شتائم، واتهامات.. فأين كنتم، وأين كانت أصواتكم؟

حادي عشر: الذين يعطوننا الآن دروسًا في المهنية، واحترام دولة القانون.. فشكرًا لمساعيهم النبيلة، لكن لماذا لم نسمع أصواتهم هذه في واقعة إعلامي شهير صدر له أمر ضبط وإحضار في عهد محمد مرسي، وقال إن الشرطة هي التي تسترت عليه، وساعدته على الهرب؟ ولماذا نسمع صوتهم في واقعة إعلامي آخر صدر ضده حكم نهائى في قضية سب وقذف، ورغم ذلك كان يسافر لتغطية جولات الرئيس الخارجية؟!

ثاني عشر: الذين «يزايدون» علينا الآن بتاريخهم.. فيؤسفني أن أقول لهم إن التاريخ كما كان يُسجل لكم فإنه يُسجل عليكم.. وتاريخ بعضكم مليء بـ«التطبيل» لكل نظام، و«التسبيح» بحمد أي رئيس.. فلتقولوا خيرًا أو اتركونا ندافع عن النقابة وعنكم أيضًا!
الجريدة الرسمية