سكة اللي يروح..ولا يرجعش!!
مازالت جرائم الهجرة غير الشرعية مستمرة، لم توقفها أو تحد منها عشرات الحوادث التي تودي بحياة شباب في مقتبل العمر، دفعتهم الظروف الاقتصادية الصعبة إلى الإقدام على مغامرة السفر إلى دول توفر لهم فرص الثراء، حتى لو كانت تلك المغامرة غير مأمونة العواقب، وبالرغم من سماعهم عشرات القصص عن شباب ابتلعهم البحر وهم في طريقهم نحو المجهول.
وطالعتنا الصحف الصادرة يوم الأربعاء الماضي بأخبار عن المذبحة التي جرت في مدينة بني وليد الليبية.. وكان ضحاياها ١٣ مصريا قتلوا بأيدي عصابات تهريب الشباب إلى أوروبا وعبر بوابة ليبيا، وفشلت محاولات التعرف على أي معلومات عنهم، لعدم وجود أي أوراق رسمية معهم، فقد جرت العادة على أن يتخلص المشاركون في تلك الرحلات، من الأوراق التي تتضمن معلومات عن قراهم أو مدنهم أو حتى أسماءهم، ما يصعب مهمة التعرف عليهم، خاصة أن أعضاء السفارة المصرية في ليبيا يعملون من القاهرة بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة هناك، وما تعرضوا له من تهديدات من جانب الجماعات الإرهابية، ما يؤدي إلى حرمان المصريين العاملين في ليبيا من حماية الدولة، وبالرغم من تحذيرات وزارة الخارجية من خطورة العمل هناك..
ومطالبتهم للعاملين بالعودة إلا أن أعدادهم تجاوزت المليون يعملون في مهن التدريس، والطب، والصيدلة، والهندسة، وغيرها من الأنشطة المختلفة، ولأن الدولة الليبية تحتاج إلى خبراتهم.. والمجتمع يتمسك ببقائهم، لذلك يوفرون لهم الحماية، بقدر المستطاع، أما الذين يشاركون في رحلات الهجرة غير الشرعية، فيقعون تحت تصرف عصابات التهجير التي جاءت بهم إلى ليبيا، ويتعرضون لمعاملة غيرإنسانية قد تدفع بعضهم إلى الثورة والرد بعنف على الإهانة، وهو ما حدث في الواقعة الأخيرة، وأدي إلى اشتباك بين أفراد العصابة والشباب المصري، وكان من نتيجته قتل ٣ من أفراد العصابة.. و١٣ مواطنا من المصريين.. لا يعرف أحد حتى الآن أسماءهم والأماكن التي جاءوا منها، وقد أدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تلك المذبحة، وطالبت الجهات الليبية بالتحقيق مع الذين ارتكبوها.
وما زالت ليبيا تمثل المحطة التي تنطلق منها قوافل الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وكثيرا ما هدد العقيد القذافي الدول الأوروبية بأنه لن يمنع أفراد الهجرة غير الشرعية من التوجه إلى الدول الأوروبية ما يدفع تلك الدول إلى الاستجابة لمطالبه، وتتوقف تلك الرحلات على الفور، أما بعد قيام الثورة الليبية والقضاء على نظام القذافي، فلم يعد بمقدور النظام الجديد أن يتصدي لعصابات التهجير.. التي تجلب الشباب الراغب في السفر إلى أوروبا من مصر والدول الأفريقية، وتحصل من كل فرد على آلاف الجنيهات على وعد بتهريبه إلى إيطاليا، وقد تنجح إحدي المحاولات.. بينما تتعرض غيرها لمخاطر عديدة، تبدأ بمطاردة البحرية الإيطالية..
وقد تنتهي بغرق المركب وموت جميع ركابه، كما حدث يوم الأربعاء الماضي أيضا بغرق مركب يحمل ٢٥ من الشباب والأطفال المصريين، كانوا متوجهين إلى إيطاليا، وحالت الظروف الجوية غير المستقرة إلى غرق المركب ومعظم ركابه من الأطفال الذين دفعتهم أسرهم إلى تلك المغامرة على غير رغباتهم، على أمل أن ينجحوا في الوصول إلى إيطاليا التي تمنح الأطفال حق الإقامة في مراكز إيواء وتكفل لهم التعليم حتى سن معين، ليمحنوا بعد ذلك حق العمل، فإذا تمكنت إحدي الرحلات من الوصول الآمن.. تتغير حياة أسرهم في مصر.. ما يغري أبناء القري على الانضمام إلى طابور المهاجرين بحثا عن حياة أفضل.. ومن أسف أن الرحلة غير مأمونة العواقب.. وأن أعداد الذين يغرقون.. أكبر بكثير من الذين ينجحون في الوصول إلى إيطاليا بأمان.
ولا نتوقع نجاح حملات توعية الأسر الفقيرة بمخاطر الهجرة غير الشرعية..مادام لم يتوافر لأولادهم فرص عمل تؤمن مستقبلهم.. إنها حقا سكة اللي يروح ومايرجعش..