رئيس التحرير
عصام كامل

توبة الإخوان


يروج الآن فى الأوساط الثقافية والسياسية تفسير لإخفاق الإخوان فى الحكم، ويرصد السبب فى أنهم خرجوا من السجون إلى قصور الحكم دون أن يخطوا بفترة تأهيل نفسى كان ضروريا.. فهم مازالوا يتعاملون بروح السجين والمضطهد الذى فر من السجن ويخشى خطر العودة إليه؛ ولذلك بعد الانفراد بالحكم أصبح حماية له من هذا الخطر فضلا عن أن فترة الاضطهاد والسجن الطويلة أصابتهم بخلل نفسى يحتاج لعلاج حتى يتسنى لهم إدارة الحكم بطريقه صحيحة وسليمة.


لكن أصحاب هذه النظرية يتجاهلون أن هناك قادة قد خرجوا من السجن إلى مقر الحكم مباشرة ولم يرتكبوا تلك الأخطاء والخطايا التى يرتكبها الإخوان الآن.. بل إنهم لم يتمسكوا حتى بالحكم, وأبرز الأمثله المعاصرة هو نيلسون مانديلا زعيم جنوب أفريقيا العظيم.

إذن مشكلة الإخوان ليست فى السجن أو الاضطهاد الذى تعرضوا له، خاصة وأنهم ليسوا وحدهم الذين اضطهدوا أو اعتقلوا خلال الفترة الماضية.. أما مشكلتهم الأساسية موجودة فى رؤوسهم أو تلك الأفكار الغريبة التى يحتفظون بها فى رؤوسهم.
فهم يعتقدون أنهم الأفضل والأنقى والذين اصطفاهم الله ليحكموا مصر وحدها وإنما العالم كله.. لذلك يتعين أن يمتثل لهم الجميع وينفذوا أوامرهم وتعليماتهم ويقبلوا كل ما يقولون به ويفعلونه ولا يناقشونهم أو يجادلونهم فى أحوالهم وتصرفاتهم وإلاحق عليهم العقاب.

ألم يعتبروا كل كارثة لحقت بالوطن انتقاما إليها لهم.. ألم يروا فى الوصول إلى الحكم جائزة آليه؟!.. لذلك مم يعتقدون أنهم لايرتكبون أخطاء أو خطايا.. أما ما قد ينتج من أضرار على ما يفعلونه ويقومون به فهو حق علينا؛ لأننا لا نشاركهم مستوى إيمانهم ولا نخطى بذات المكانة التى يخطون بها لدى الله عز وجل أو لأننا نستحق العقاب منه لعدم اكتمال إيماننا!

وهكذا.. مشكلة الإخوان فى الحكم الحقيقية ليست نفسية إنما هى مشكلة فكرية.. أى ليس صحيحا أنهم لايجيدون الحكم لأنهم عانوا الاضطهاد وعاشوا فى السجون طويلا.. إنما هم لايجيدون الحكم لأنهم يؤمنون بأن هذا النوع من الحكم الذى يمارسونه والذى يخلو من الأخطاء والخطايا هو الحكم الذى نستحقه منهم، بل ومن الذى وكلهم بالتسلط علينا وتقويمنا، وهذه مشكلة عويصة لا تحل بالتحليل النفسى للإخوان كما يعتقد البعض وإنما حلها يتمثل فقط فى أن يتخلى الإخوان عن هذه الأفكار الغريبة التى تصور لهم أنهم من طينه أخرى غير طينتا أو أنهم ملائكة ونحن شياطين!

باختصار لن يصادف الإخوان نجاحا حقيقيا فى الحكم سواء داخل مصر أو خارجها إلا اذا خرجوا من جلودهم وتخلصوا من أسر أفكارهم.. أو إذا صاروا غير إخوان واقتنعوا أنهم بشر عاديين مثلنا، وكل بنى البشر خطاؤون وخير الخطائين إلى الله هم التوابون.
الجريدة الرسمية