رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين مبارك الفاسد ومرسى الصالح 2-2


فى المقال السابق.. تناولنا كيف تسلم مبارك مصر من الرئيس السادات، وكيف سلمها، وقلنا رغم أن عهده كان مملوءا بالفساد، لكنه سلم مصر أفضل ممن استلمها، وتحققت فيها إنجازات كثيرة وسلمها دولة فيها مؤسسات قوية (الجيش والشرطة والقضاء والخارجية والثقافة والإعلام حتى فى الفن والرياضة ) ومعظم مؤسسات الدولة كانت تعمل، بدليل أننا كنا عايشين حتى قيام الثورة، وما زلنا عايشين حتى الآن..رغم حالة الفوضى التى تشهدها مصر منذ أكثر من عامين، إلا أنها ما زالت بخير ومؤسساتها تعمل..


 صحيح كان هناك فساد وعدم عدالة فى الحقوق والواجبات وانتشار للفقر والجهل والمرض، ونحن نعلم ذلك، والإخوان المسلمين كانوا يعلمون ذلك، ولهذا قامت الثورة، إذن د. مرسى لم يستلم خرابة أو دولة منهارة أو مقسمة، كما يحاول الإخوان تصوير ذلك، بل استلموا دولة كبيرة قوية متماسكة، ماذا كان يجب على د. مرسى أن يفعل فى هذه التركة الصعبة؟ كان يجب عليه أن يبنى على ما سبق.

 فبدلا من محاولات هدم مؤسسات الدولة والدخول فى صراع معها، كان يجب عليه أن يقويها وأن يستعين بأهل الخبرة والكفاءة فى إدارتها بعيدا عن أهل الجماعة والعشيرة، طبعا من الظلم أن نطلب من د. مرسى أن يحقق أحلام المصريين فى ثمانية أشهر، ولا حتى فى أربع سنوات،  لكن كنا ننتظر منه فقط أن يضعنا على الطريق السليم، وكان يكفيه أن يلم شمل المصريين الذين قسمتهم الانتخابات الرئاسية، وأن يضع لمصر دستورا يليق بها وبثورتها العظيمة، كان مطلوبا من د. مرسى أن يُشعر المصريين أنه رئيسٌ لهم جميعا، كان يجب عليه أن يعظم إيجابيات فترة حكم مبارك ويعالج سلبياتها، وأن يجمع حوله الخبراء والمتخصصين فى كل المجالات حتى ولو كانوا مختلفين معه فكريا وسياسيا، كان يجب على الرئيس أن يعلم أنه تولى رئاسة البلاد، ونصف الشعب لم ينتخبه..

 وبالتالى فإن مهمته غاية فى الصعوبة، فى أن يكسب ثقة معارضيه قبل مؤيديه، ما حدث وما زال يحدث لن يؤدى إلى النتائج التى كنا نتمناها من أول رئيس مدنى منتخب.. صدام مع مؤسسات الدولة والقوى والتيارات السياسية والنخبة ورجال القضاء والصحافة والإعلام والنقابات والعمال والفلاحين وكذلك الكتاب والمفكرين..

 كل هذه معارك قد تساهم فى تفتيت الشعب والدولة، ورغم ذلك الفرصة ما زالت سانحة أن يثبت د. مرسى أنه رئيس لكل المصريين، وأن يفتح صفحة جديدة مع الشعب، وأن يعمل على تقوية مؤسسات الدولة وليس هدمها، وأن يُشرك الجميع معه، وأن يبدأ من حيث انتهى مبارك، وألا يضيع وقته ووقت البلد فى الكلام الكثير عن النظام السابق وفساد رموزه والثورة المضادة والمؤامرات، ويترك كل ذلك للقضاء، ويتفرغ هو للعمل بعد أن يختار الرجال القادرين على تحمل المسئولية، والعبور بمصر إلى بر الأمان..

مرسى الصالح عليه إثبات ذلك بالعمل والإنتاج من أجل الشعب وليس فقط بالصلاة فى المساجد، عليه أن يسلم مصر إلى الرئيس القادم إن لم يكن أفضل مما استلمها، على الأقل أن يسلم مصر دولة مؤسسات وشعبا متماسكا كما استلمها من مبارك الفاسد حتى لا نندم على أيامه.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية