رئيس التحرير
عصام كامل

هكذا فعل بنا حكامنا


ما يحدث في الدول العربية الآن هو نتيجة ما فعله حكامها بها، وليس بسبب الثورات وسقوط الأنظمة الحاكمة.. فالأنظمة الديكتاتورية عملت على تخريب الأوطان على مدى سنوات طويلة، وتمكنت بوسائل الفساد والقمع المعروفة من تجريف الثروات الطبيعية وإفساد البشر وتدمير الحجر وزرع الخوف واليأس في نفوس الناس، وكان لابد أن تنهار هذه الأنظمة التي قامت على الفرد الحاكم دون مؤسسات حقيقية تدير شئون الدولة، لكن وجودها ظل مجرد لافتات لخدمة الحاكم الديكتاتوري ويوظفها في خدمة أغراضه وتبرير أفعاله كيفما شاء.


ففي ليبيا وسوريا واليمن وتونس ومصر كانت الثورات ستقوم حتما سواء في 2011 أو بعدها بسنوات؛ لأن أنظمة الحكم التي ظنت أنها قوية بالقمع والقبضة الأمنية كانت في حقيقتها هشة.. فبدون الديمقراطية ومؤسسات حقيقية لا وجود لأي نظام قوي مهما فعل ومهما تمادى في غروره.. وكل حاكم من هؤلاء رفع شعار «أنا أو الشعب».. وهو ما يفعله بشار الأسد حتى اليوم.. فلديه استعداد أن يقتل الشعب بأكمله ويظل هو الحاكم.. ويكرر نفس السيناريو علي عبد الله صالح في اليمن.

وليس كل ما حدث ويحدث نتيجة مؤامرات خارجية.. فهذا الكلام عبث واستهزاء بالعقول.. فكل تلك الأنظمة قامت على الفساد واحتكار الثروة والسلطة وتعاملت مع شعوبها بدونية.. حتى ظهور الجماعات الإرهابية كان بسبب ممارسات هذه الفئة من الحكام، وحتى الآن يتفنن بشار الأسد في دعم داعش وغيرها ثم يتغنى بمحاربة الإرهاب لتبرير عمليات القمع والإبادة التي يمارسها ضد شعبه.

وحتى لو كانت السعودية وإيران لهما دور كبير فيما يجري، لكن تظل الحقيقة أن حكامنا أصل المشكلة ومصدر هذا البلاء الذي نعاني منه في العديد من دول المنطقة.

وإذا كان حظ مصر أفضل نسبيًا بسبب وجود مؤسسات رغم محاولات نظام مبارك تخريبها على مدى ثلاثين عامًا ووجود مؤسسة عسكرية وطنية حرصت على وحدة البلاد، فإن حماية مصر الآن من الإرهاب ومما يجري من حولنا يكمن في رفع القبضة الأمنية التي تعبث في كل مجال، وتفعيل دور المؤسسات، والتعاطي مع المعارضة بإيجابية دون تخوين، ومشاركة الشعب في كل قرار.. هذا هو طوق النجاة وليس النفاق والتطبيل ورفع شعار كله تمام!!
الجريدة الرسمية