رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يدعمونهم؟!


فى إطلالته الإعلامية الأخيرة قال الأستاذ هيكل: "إن أحد الأصدقاء قدم له ورقة منذ 4 سنوات، تتحدث عن أن القيادة فى مصر للإخوان وأن التيار الإسلامى هو البديل حال سقوط نظام مبارك، وأن سبب دعم أمريكا للإخوان هو ما يسمى «الجذر الثقافى الثابت فى الأرض» فضلا عن قاعدة تصويتية عالية وأنهم معادين لأفكار القومية الناصرية، وتضمنت الورقة 12 سببا أن تكون الإخوان هى البديل لنظام مبارك".


اثنا عشر سببا لم يذكر الأستاذ منها سوى سببين!!، فأين باقى الأسباب؟ ولماذا لم يقم هيكل بعرض الورقة كما هى؟ كل ذلك يسهم فى إيضاح الصورة وإزالة الغمامة التى تحجب الرؤية عن أنظار البعض.

من ناحية أخرى فنحن لا نلقى باللوم على الأستاذ لأنه لم يتكفل بهذه المهمة لكننا نلوم هؤلاء الضياطرة المتضخمين الذين لا يشغلون أنفسهم بالبحث عن أصول المسائل، فربما يوصلنا هذا لعلاج جذرى من أدوائنا التى كثرت واستعصت.

فى بداية القرن العشرين كان المعتمد السامى البريطانى هو اللورد كرومر -جزار دنشواى- وقصيدة أمير الشعراء شوقى فى حقه معروفة:
نيرون لو أدركت عهد كرومر *** لعرفت كيف تنفذ الأحكام

لم تكن مذبحة دنشواى هى الإنجاز الأهم لكرومر رغم كونها الأكثر شهرة لأن الأهم كان تأسيس التيار الإسلامى المعتدل، ومنح وكالته الحصرية للشيخ رشيد رضا، الأب المؤسس للتيار الوهابى فى مصر بجناحيه الإخوانى والسلفى.

قام سيدُهُم "كرومر" آنئذٍ بكتابة تقرير عن التيارات الإسلامية فى مصر، أَمِل من خلاله أن يشق التيار الوسطى طريقه للهيئة الاجتماعية المصرية؛ لأنه السبيل القويم لإنجاز إصلاح حقيقى قائم على مبادئ الدين وشروطه ولذلك فقد طالب كرومر الأوربيين بدعم هذا التيار، وأن أتباع الشيخ جديرون بكل ميل وعطف وتنشيط من الأوربيين.

أوصى السفاح كرومر الغرب آنئذ بدعم "التيار الوسطى" بقيادة رشيد رضا، ورأى أنهم جديرون بكل ميل وعطف وتنشيط من الأوربيين، ومن ثم فقد بادله الشيخ التحية بأحسن منها حيث رأى أن إطراء الإنجليز على الوسطيين جاء لأنهم (رجال جد يجلون من يقول الحق فى السر والجهر، وأنه لا قيمة لأهل المداهنة والرياء فى أنفسهم).

لماذا يرفض الإنجليز، والآن الأمريكان، الخدمات المجانية التى يقدمها لهم (تيار الوسطية والاعتدال) بنوعيه السلفى والإخوانى فى حروبهم المقدسة ضد قوى التحرر الوطنى إسلامية كانت أو قومية كما يذكر الأستاذ هيكل؟!.

قوم ينتحرون ويفخخون أبناءهم ونساءهم من أجل مقاتلة أعداء الإنجليز والأمريكان دون حتى أن يطالبوا بثمن هؤلاء الضحايا.
الأسباب التى من أجلها قام الأمريكان بدعم الإخوان ليست 12 سببا، بل هى أكثر من هذا بكثير.
الجريدة الرسمية