أُمنيات العمال في عيدهم
العمال هم العصب والركيزة الرئيسية للبناء والتنمية في أي مجتمع، وهم وقود ثورات تحرر الأوطان، وهم دعاة تقدم وتطور وإغناء المجتمع، وذلك عبر قرون مضت، عانوا فيها من الظلم والعبودية والاستغلال والقهر، فلم يستكينوا وناضلوا وقدموا التضحيات، وتحملوا الكثير فمنذ (مجزرة شيكاغو) في الولايات المتحدة الأمريكية والتي راح ضحيتها عدد من العمال خلال إضراب نحو 340 ألف عامل عام 1886، تلك المجزرة التي شكلت منطلقًا لتصعيد نضال العمال بتنظيم أنفسهم وبتضامنهم الوطنى والدولى، ففرضوا على السلطات وأرباب العمل الاعتراف بحقوقهم بعد تلك التضحيات، وكانوا دائمًا روادًا في النضال الوطنى من أجل الحرية والمساواة والعدل، ودائمًا ما يعطون صورًا رائعة في العطاء والتضحية.
والاحتفال بعيد العمل والعمال هذا العام- في العالم على وجه العموم ومصرنا على وجه الخصوص- يأتى في توقيت تواجه فيه الطبقة العاملة تحديات كبيرة فرضتها التغييرات الكبيرة على الصعيدين المحلى والدولى، بالإضافة إلى ضعف التنظيمات العمالية الناتج عن الصراعات بين التنظيمات الرسمية والتنظيمات التي تعمل خارج الإطار القانونى، مما أتاح الفرصة أمام رجال المال والأعمال في التلاعب بالعمال ومقدراتهم.
إن القوى العمالية كانت ولا تزال الركيزة الأساسية صاحبة الإسهامات المهمة في الدورين السياسي والاجتماعى، الساعية إلى إنجاح المجتمعات وتقدمها وتطورها، وتحقيق أهدافها الوطنية والقومية.
لذا فالواجب على المسئولين والمهتمين بالشأن العمالى، بذل الكثير من الجهد لحل مشكلات العمال باتباع الآتى:
- إيجاد حلول جذرية للحد من البطالة من خلال رؤية قومية بأن تزايد هذه المشلة له أثره المباشر على الجبهة الداخلية لأمننا الوطنى.
- العمل على إجراء حوار مجتمعى للتوافق على قانون عمل يحفظ الحقوق ويحقق الاستقرار بين أطراف العملية الإنتاجية، وكذا بالنسبة لقانون المنظمات النقابية والذي تسبب تأخر صدوره إلى امتداد الدورة النقابية وترهل بعض قياداتها وإتساع الفجوة بين العمال وممثليهم.
- تبنى وزارة القوى العاملة مبادرة بين الاتحاد الرسمى والاتحادات الأخرى وحثهم على إعلاء قيمة الوطن وتنحية خلافاتهم من أجل مصر وعمالها لعبور هذه المرحلة الحرجة التي نمر بها.
- العمل على إعادة تشغيل المصانع التي أغلقت وفتح أفاق جديدة أمام المستثمرين العرب والأجانب والعمل على خلق وتوفير مناخ جيد للعمل للمستثمر وللعامل، وإيجاد علاقة عمل جيدة بين طرفى العملية الإنتاجية، مما قد يؤدى إلى تحسين واستقرار الوضع الاقتصادى، بجذب الاستثمارات الأجنبية، والعربية للسوق المصرية ومما سيوفر فرص عمل جديدة تساعد في حل مشكلة البطالة بخلق فرص عمل حقيقية في إطار من التوازن بين مصالح العمل والعمال بالحفاظ على أي مكتسب وزيادة هذه المكتسبات لتعود بالنفع العام للمجتمع وأطراف العملية الإنتاجية.
- العمل على وضع وسن تشريعات جديدة متطورة تواكب المرحلة الحالية بكل متناقضاتها مثل قانون التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحى وقانون العمل في إطار مشاركة مجتمعية حقيقية للحد من المشكلات التي يتم استغلالها بشكل يؤدى إلى الإضرابات والاعتصامات التي تؤثر بدورها على حركة الإنتاج التي نأمل في زيادتها خلال الفترة المقبلة.
وهذا ما يدعونا إلى المطالبة والمعاونة بتحقيق أداء واستغلال أفضل لقدرات وإمكانات العمال الجماعية، وتحويل تلك القدرات إلى تكامل يفتح المجال أمامها لتقوم بدورها في الوطن من أجل النهوض به، بما يوفر الحرية والعدل والمساواة لمختلف القوى العاملة، ومواجهة التحديات التي تفرضها الظروف الحالية والتي يحاول أعداء الوطن العمل على إفقارنا.
إننا ونحن نحتفل بعيد العمال هذا العام نأمل من الله أن يوفق المسئولين إلى تخفيف معاناة العمال وأوجاعهم، ووضع حلول لمشكلاتهم كأولوية مهمة للنهوض بالأمة من كبوتها الحالية.