رئيس التحرير
عصام كامل

عودة يوسف بطرس غالي !


كلما اشتدت مرارة طعم الأزمة الاقتصادية التي نعاني منها، وتحديدا كلما زادت المضاربات على الدولار في السوق السوداء ارتفعت بعض الأصوات يطالب أصحابها بعودة من كانوا يديرون اقتصادنا الوطني قبل ٢٠١١، وفي مقدمتهم بالطبع د. يوسف بطرس غالي وزير المالية وقتها.. ويبرر عادة هؤلاء طلبهم هذا بأن المسئولين الذين تعاقبوا على إدارة اقتصادنا طوال السنوات الماضية أخفقوا في علاج تلك الأزمة الاقتصادية أو حتى تخفيف حدتها.


ولكن هؤلاء الذين يرددون ذلك لا يدركون أن الظروف التي تمر بها بلادنا الآن مختلفة تماما عن الظروف التي كنا نعيشها قبل خمس سنوات مضت.. وأن ظروفنا الحالية حافلة بتحديات لم يسبق لنا أن عشناها من قبل.. وهذه التحديات تتمثل أساسا في استخدام الضغوط الاقتصادية الشديدة علينا من قبل قوى دولية تشارك فيها عناصر مصرية لتحقيق أهداف سياسية.

لقد شهدت البلاد في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ حدثا جللا وخطيرا من وجهة نظر تلك القوى.. وهذا الحدث لم يقتصر فقط على تغيير الحكم القائم، أو عن إبعاد الإخوان عن الحكم، وإنما يشمل أيضا -وهذا هو الخطير- إحباط مخطط أمريكي غربي كان يتم تنفيذه ليس لمصر وحدها بل لمنطقتنا كلها.. وحتى الآن لم يغفر لنا الأمريكان وبعض الأوروبيين ذلك، وهم يعاقبوننا على ما فعلناه باستخدام شتى الأسلحة السياسية والاقتصادية بالطبع.. ولعلنا لمسنا ذلك بوضوح في «تطفيش السياح الأجانب» عن بلادنا والقيام بذات الأمر مع المستثمرين الأجانب أيضا.. وهكذا اقتصادنا يمر بحالة ضغوط خارجية لم يسبق له أن تعرض لها اللهم إلا في الستينيات.. نحن نتعرض لحالة حصار اقتصادي حقيقي يجحبون خلالها الاستثمارات والسياحة الأجنبية عنا، وهذا هو السبب الرئيس لقلة أو ندرة مواردنا تحديدا من النقد الأجنبي، وبالتالي ارتفاع وتيرة المضاربات على الدولار، وهي المضاربات التي تزيدها حدة ما تقوم به مجموعات وشركات صرافة تابعة أو وثيقة الصلة بالإخوان.

وهنا الكفاءة وحدها لا تكفي لعلاج هذا الحصار الاقتصادي.. أي أنه حتى لو عاد يوسف بطرس غالي أو رشيد ومحمود محيي الدين لن يفعلوا شيئا مختلفا ولن يحققوا معجزة لنا ننتظرها.. نعم يوسف يتمتع بكفاءة مهنية ولكن لا تنسى أنه منحاز اجتماعيا ضد أصحاب الدخول المحدودة.. والأخطر منحاز أيديولوجيا لأمريكا.. وانحيازه المزدوج هذا سوف يزيد من حدة أزمتنا ولن يحدث انفراجة فيها.. أيها السذج لا تراهنون على وهم!.

الجريدة الرسمية