ترامب في مواجهة كلينتون.. أي الأمريكيين أفضل؟
أمريكا دونالد ترامب أم أمريكا هيلاري كلينتون أفضل؟ بالطبع السؤال هو أفضل لمن؟ لقطاع غير صغير من الأمريكيين دونالد ترامب هو "الكاوي بوي" الذي يظهر في إعلان سجائر ملبوروا.. اكتساح دونالد ترامب انتخابات المرشحين الجمهوريين يوم أمس، حيث رفع عدد أصوات الممثلين الذين لهم حق الانتخاب إلى 950 صوتًا في مقابل 560 صوتا لـ تد كروز، محاولة المرشحين تد كروز وجون كيسك الذي حصد 153 فقط من أصوات ممثلي لإيقاف ترامب أمس باءت بالفشل، كان يوم أمس يوم بمثابة الاكتساح لترامب، حيث حصد 105 أصوات في ولايات "ميرلاند، دلاور، بنسلفانيا"، في مقابل صوت واحد لكروز وخمسة لجون كسيك، هيلاري كلينتون أيضًا فازت أمس بفارق كبير عن بيرني ساندرز.
دونالد ترامب لا يحترم الكثير من منافسيه، بمن فيهم كلينتون الذي وصفها أمس قائلا "إنها لا تملك شيئا لتضيفه غير أنها سيدة، وأن الأمر الجميل أن السيدات لا يحبونها"، تعليق ترامب لم يلق قبولا من الكثيرين حتى من ماري بات كريستي زوجة المرشح الجمهوري السابق كريس كريستي، التي أدارت مقلتي عينيها تعبيرًا عن عدم رضاها، وهو التعبير الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
لم يعد يتبقى الكثير لترامب ليفوز بترشيح الحزب الجمهوري ولا لكلينتون التي ستفوز في مواجهة بيرني ساندرز. دونالد ترامب أكد أمس أنه في انتخابات الرئاسة في نوفمبر المقبل فإن هيلاري لن تستطيع أن تحصد 5% من الأصوات، ورغم مبالغة ترامب فإن كلينتون لن تفوز كما قال.
لا يوجد لدى كلينتون ما تقدمه، بينما يوجد لدى ترامب ما يقدمه فهو رجل أعمال ويدفعه لوبي صهيوني كبير.
بالنسبة لنا، ففوز ترامب يعني إطلاق يد الديكتاتوريات في الشرق الأوسط لتعبث كما تريد، فسيتم التضييق على جماعات حقوق الإنسان بأي مزاعم، وستزاداد حالات القبض العشوائي والتنكيل بالمعارضين، وستزداد شوكة داعش، فهناك تناسب طردي بين الديكتاتورية وبين داعش، كلما زادت الديكتاتورية وقل احترام الإنسان، وتم العصف بحقوقه، كلما انضم الشباب للجماعات المسلحة ظنا منهم أنها طريق الخلاص.
وسيكون ذلك كافيا، لترامب ليشن حربه في الشرق الأوسط، هو لن يسقط بشار الأسد إلا عندما تسمح له إسرائيل بذلك، فوجود بشار الأسد حاليًا ليس خطرًا على إسرائيل، وهو الزعيم الضعيف الذي لا يملك أن يرد على ضربة إسرائيلية.. هذا الضعف السوري هو ما سمح لنتنياهو أن يكرر أن على العالم أن ينسى فكرة أن إسرائيل ستتخلى عن الجولان.. ولم نسمع لبشار الذي يحاول الحفاظ على كرسيه كلمة عن الجولان، فهو – أي بشار – أسد على شعبه في الإسرائيليات نعامة.
ثم ستكون الحرب الأكبر على إيران، مع رفع نغمة الصراع السني الشيعي إلى ذروته، فبذلك فقط سيكون كل شيء مهيئًا لإسرائيل لإسقاط إيران، ولا سيما أنها غير مرحب بها من قبل جيرانها.
سقوط إيران سيكون كلمة السر لسقوط بشار الأسد، في حرب أخيرة لحزب الله الوكيل الشرعي لبشار الأسد، وقتها لن يفرق ترامب بين داعش وحزب الله.
بالنسبة لمصر، الوضع الداخلي يتراجع من سيئ لأسوأ بدعوى مواجهة الإرهاب، وديمقرطيتنا في وجهة نظر مؤيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي تختلف عن الديمقراطية والنظم الديمقراطية التي درسنها وعايشناها، وعاش العبد لله فيها، وبالتالي فدونالد ترامب سيفهم جيدا فكرة طحن معارضي النظام في مصر للقضاء على الإرهاب.
دونالد ترامب الأفضل للكثير من الدول والكثير من الأنظمة، ولكنه الأسوأ للإنسانية، وهيلاري كلينتون ستكون حسب تعبير الفنان عادل إمام "مهيضة الجناح"، فلن يتمكن أحد إيقاف قطار دونالد ترامب السريع الذي سيدهس كل من يعارضه ويحمل معه الأنظمة القمعية.
ترامب سيفرح كثيرًا بمقولة إن الشعب المصري لا يصلح للديمقراطية، وإننا بيننا وبين الديمقراطية مسافة كالمسافة بين الأرض والسماء، والمسافة بين الشعوب العربية والديقراطية كالمسافة بين الأرض والقمر.. من المحزن أن تكون الديمقراطية بعيدة وهي خيــر، ومن المؤسف أن يكون القمع والقبض على المتظاهرين والعصف بحقوق الإنسان في التعبير السلمي هو المراد والمطلوب بالنسبة للبعض.