كفانا خسائر.. «فراقهم» عيد
حسنًا فعلت الشرطة بإحكام قبضتها على الميادين والمواقع التي كان ينتظر أن تشهد شغب وفوضى المتظاهرين في "عيد تحرير سيناء" اعتراضًا على إعادة جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية.
من سعوا للحشد وتحريض الشعب على قيادته وحكومته طوال الأيام الماضيــة، هم من يتسترون بشعارات الوطنية ويدعون الحرص على المصلحة العامة، وهم أول من باع مصــر وشعبها بحفنة دولارات من أمريكا وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي وإيران، ودفعنا جميعًا ثمنًا باهظًا منذ يناير 2011 وما تبعها من أحداث جسام وخسائر فادحة تحملها الشعب والجيش والشرطة والأجهزة السيادية، حتى بدأت "أم الدنيا" تتعافى وتقف على قدميها بمساندة ودعم الأشقاء الخليجيين في مواجهة المؤامرات الخارجية التي لم ولن تنتهي، والتي تريد لمصر مصير العراق وليبيا وسوريا واليمن.
تابعت بقلق شديد خلال الأيام الماضية ما تنشره وتعرضه وسائل الإعلام التابعة لجماعة "الإخوان" الإرهابية وكذلك وكالات الأنباء العالمية التي ثبت محاربتها لمصر، لا سيما وكالة "رويترز" ومعها الأمريكيتين "سي أن أن" و"هافنغتون بوست" وكذلك "ميدل إيست أونلاين" وغيرها الكثير، فضلا عن التواصل الاجتماعي الذي بات مرتعًا لكل من هب ودب وتحول ساحة حرب بين الوطنيين الشرفاء والحاقدين العملاء.. وسط كل هذا توقعت يومًا سيئًا من التظاهرات والفوضى، لكن رد الله كيدهم في نحورهم وكان الشعب لهم بالمرصاد وليس الجيش والشرطة.
انتظرت الحشود التي أعلنوا أنها ستملأ الميادين، وترقبت رؤية رموز المعارضة وهواة "الشو" التليفزيوني "اللي هيقودوا الاحتجاجات ضد الرئيس السيسي"، فلم أجد أحدًا منهم ولم أر حركة "6 إبليس" المحظورة كما اختفى خالد على وجميلة إسماعيل "اللي حرضوا الرئيس الفرنسي ضد مصر"، لكنه أخرسهما في التو واللحظة.
غاب عن التظاهر من يعتبرون أنفسهم قادة وتركوا الساحة والمواجهة مع الأمن للبسطاء والمضحوك عليهم.. وهؤلاء رغم عددهم المحدود كان نصيبهم الضرب من الشعب في الشارع.. وكما غردت واحدة من المتظاهرات "الست اللي رمت مية (...) علينا من فوق وقت التجمع.. نزلت بعد ما البوليس هجم تجري ورانا وتقول للداخلية موتوهم".. كما قالت متصلة للإعلامي الوطني أحمد موسى إنها "اشترت مية نار سترميها على أي متظاهر يمر من أمام منزلها، لأنهم يريدون خراب البلد".. هذا هو الشعب المصري الحقيقي الذي ينشد الاستقرار ويثق في رئيسه وأجهزته السيادية، وقد نفد صبره من ممارسات العملاء والمتآمرين وقبيضة الدولار ممن لا هم لهم إلا إثارة الفوضى وافتعال المشكلات في البلد.
بعد الفشل الذريع للتظاهرات تمنيت ألا يطلق الأمن سراح من اعتقلهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم، لكن بما أنه أفرج عنهم "حفاظًا على مستقبلهم"، بات لزامًا على الحكومة تشديد عقوبات قانون التظاهر أسوة بالمعمول به في كثير من دول العالم، ومن لا تعجبه قوانين مصر فليتركها لأهلها الشرفاء ويهاجر حيث يشاء.. وأمثال هؤلاء ومعهم النشطاء والعملاء "فراقهم عيد"!!
كما على الحكومة تبني مشروع إعلامي، ديني، اجتماعي متكامل لحث العاطلين على العمل، على أن تستعين بشباب كافح وبدأ من الصفر حتى أصبح من أصحاب المشاريع، وعليها أن تبرز أيضًا تجارب الشباب السوري الذي جاء مصر لاجئًا بلا عمل وكافح في مهن بسيطة حتى افتتح مشروعه الخاص في فترة بسيطة، وبهذا تقضي الحكومة على وقت فراغ العاطلين الذي يستغله العملاء بتجنيده للعمل ضد مصر.
انتبهت الحكومة أخيرًا لعدم قدرة رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق على إدارة وضبط العمل في الإعلام الحكومي "مرئي ومسموع"، فقررت إقالته بعد فضيحة برنامج "ثوار لآخر مدى"؟! ثم كيف يسمح من الأساس بعرض برنامج يحمل هذا الاسم؟! عموما صححت الحكومة الوضع بعد خراب كبير، وتحملت الإعلامية صفاء حجازي مسئولية جسيمة وبات عليها تطهير "ماسبيرو" بشكل كامل وإعادة هيكلته بما يلبي احتياجات المرحلة.
لكن بالمقابل على الحكومة إدراك أن حروب الجيل الرابع التي تعتمد على "الميديا" بشكل أساسي تحتاج إلى عقلية إعلامية وجهاز إعلامي متكامل يواجهها، ما يستوجب وجود وزير للإعلام أو على الأقل تأسيس هيئة مستقلة للإعلام تدير المنظومة كلها وتكون لسان حال الدولة وتواجه إفك وأكاذيب الخارج والداخل، وتضبط فوضى وانفلات الإعلام الخاص والإلكتروني والتواصل الاجتماعي، ودون ذلك ستظل الحكومة تدور في حلقة مفرغة وتزيد خسائرنا.